ومع
انطلاقة شرارة الحرب العالمية الأولى تعاون العرب مع الانجليز وحلفائهم، وفي الوقت
ذاته تعاون اليهود مع الانجليز، فخرج العرب بدويلات قطرية غير قادرة على التعايش
المستقل في المجتمع الدولي، في حين اثمرت العلاقات اليهودية البريطانية في استصدار
تصريح بلفور الشهير، وتثبيت أقدام اليهود في فلسطين، فخرج اليهود بدولة تكاد تصل
لحد الاكتفاء الذاتي في كل مجال.
كانت
سمة الخلاف والتشكيك في حسن النوايا، السمة العامة الطاغية بين الكيانات العربية
التي قُدر لها أن تتصدى للخطر اليهودي على الأراضي الفلسطينية ــ ومن المؤسف القول
بأن هذا الحال مستمراً حتى وقتنا الحاضرــ في حين عمل اليهود بشكل مؤسسي منظم
لمواجهة التحديات العربية، وتمكنوا من فرض وجودهم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع
الدولي، وتوظيف الإعلام لخدمة مصالحهم الرامية لتأسيس الدولة اليهودية في فلسطين،
فكانت الخبرات السياسية، والقانونية، رديفاً مهماً للقدرات العسكرية التي يملكونها
في بناء الدولة اليهودية.
كانت
البداية رؤية يهودية عام 1897م، وفق ما جاء على لسان تيودور هرتزل: "في بازل
أسستُ الدولة اليهودية. ولو أنني قلت هذا اليوم لواجهتي ضجة من الضحك. وسيراها
الجميع ربما في مدة خمس سنين، وبالتأكيد في مدة خمسين سنة. إن الدولة قد تأسست من
حيث الجوهر، في إرادة شعب الدولة.... إن هدف الصهيونية هو أن يتحقق للشعب اليهودي
وطن في فلسطين يضمن وجوده قانون عام" (دولة اليهود: ص 21).
بالتخطيط
والعمل المؤسسي كان لليهود ما أرادوا، ومن وجهة نظر تشاؤمية يمكن القول أن العرب
اليوم لا يملكون سوى فرصة ضعيفة في أن تراودهم الأحلام لاستعادة الأراضي
الفلسطينية المحتلة، لأن الواقع العربي لا يقدم خطط مدروسة بعناية، وفق رؤية
مستقبلية منظمة، في سياقات عمل جماعي موحد، لمواجهة تحديات وجود دولة يهودية
مزروعة في قلب العالم العربي، لهذا فإن الإمكانات المتاحة للعرب تنحصر في وضع شعار
جديد يعبر عن الغضب العربي من الدولة اليهودية بمناسبة الذكرى السنوية للنكبة
الفلسطينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق