26‏/06‏/2012

مكانك قف





      رغم التوقعات بان طريق مرسي لن يكون سهلا بعد وصوله إلى سدة الحكم في مصر، فستزرع أمامه كل المعيقات لإفشاله، وسيتم محاربة الرجل بكل الوسائل المتاحة والممكنة من داخل مصر ومن خارجها، لإقناع الجميع بان النموذج الإسلامي عاجز عن مواكبة تطورات المرحلة الحالية، وسيتم تحميل مرسي أيضا تبعات الفشل الذي ورثه عن نظام حسني مبارك، وما أفسده مبارك في ثلاث عقود، سيطالب مرسي بإصلاحه بمائة يوم، وإلا سيعتبرونه فاشل، عداك عن المشادات التي سيقوم المجلس العسكري باستعراضها لإثبات وجوده في ساحة القرار السياسي المصري، ويضاف إلى ذلك آلاف الرجال المزروعين في مناصب ووظائف إدارية حساسة في الدولة، في الدولة،لى سدة الحكم في مصر يضا ولا يزالون يدينون لنظام حسني مبارك بالولاء، وسيكون تعاونهم مع النظام الجديد شكلي وفي أدنى الدرجات.

     أما في البلاد العربية الأخرى، فسقوط نظام بشار الأسد سيولد ارتدادات عنيفة في الشارع العربي تحسب لصالح الجماعات الإسلامية أيضا، وخصوصا في الدول التي بدأت فيها بوادر تأثر بالربيع العربي، وهذا الأمر مدرك تماما من الزعامات العربية، ولهذه الأسباب تتحفظ الدول العربية عن أي تدخل بالشأن السوري، وتتأمل من نظام بشار الأسد أن يستعيد السيطرة الأمنية على الأوضاع في بلاده، ليتنفسوا هم الصعداء، وتسكن شعوبهم التي ترغب بالثورة عليهم واقتلاعهم، و اعتقد أن فرص نجاح بشار الأسد باستعادة السيطرة الأمنية في بلاده  أصبحت خارج سيطرته، وان سقوطه قد اقترب، وان نصر الله للشعب السوري قريب.

     وفي بلادنا رغم أننا ندعي بأننا ماضون في مسيرة الإصلاح، وإننا نخطو في هذا المجال خطوات كبيرة، وان الإعلام يدعم الحكومة، وان الجماعات الإسلامية عندنا مخترقة امنيا، وان منظومة الإصلاح السياسي اكتملت، وأننا نسير نحو انتخابات نزيهة وشفافة لإفراز مجلس نواب قادر على ممارسة واجباته بقوة، نقول إننا رغم كل التطور والإصلاح الاسمي، لازلنا نقف عند نفس النقطة التي انطلقنا منها، وان المسيرات الشعبية لم يكن يسمع بها في بلادنا إلا من يخرج بها، ولا زالت الحكومة تتعامل مع مطالب الشعب بنفس الطريقة التي كانت تتعامل بها معهم قبل وفاة البوعزيزي بتونس، ولا زالت الحكومة تشتكي الفقر وتحصن الفاسدين، في حين أن الشعب يبحث عن الحرية ويطالب بالاقتصاص من الفاسدين، فتجاهل الحكومة للمطالب الشعبية ومحاولتها التذاكي على الشعب  يولد اعتقاد أن الحكومة لازالت تنفذ الإيعاز "مكانك قف".

21‏/06‏/2012

تحية لنشامى ونشميات الخدمات الطبية الملكية



     عندما تتطلب الأمور من الشخص مراجعة عيادة اختصاص في أي مستشفى، فان الأمر يتطلب شد الأحزمة مبكرا ومع ساعات الصباح الأولى، ليتسنى للمريض اخذ ورقة دور، وسيكون محظوظ جدا إذا كان الدور الذي يحصله لم يبلغ منزلة العشرات، فالرقم تسعة وما قبله يعتبر رقم مميز بالنسبة للمريض الذي يرتاد أي من هذه العيادات، كل هذا كان يجول في خاطري نتيجة الخبرة السابقة في التعامل مع مثل هذه العيادات الاختصاصية، ولكن في الحقيقة انه على مدى يومين من المراجعة في العيادات الخارجية للمدينة الطبية، ودائرة العيون تغيرت النظرة نحو الايجابية وبشكل كبير ولم يعد للرقم تسعة وما قبله أي ميزة.

     فجهود النشامى والنشميات، من مرتبات الخدمات الطبية الملكية، الذين تعاملت معهم خلال مراجعتي لهم لمعالجة والدتي، كانت تستحق الشكر والثناء، من باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فللوهلة الأولى عند دخولك لصالة الانتظار، تحدثك نفسك متى سنحصل دور، وهل سننهي إجراء الفحوصات الطبية اللازمة هذا اليوم، نظرا لمشاهدة الأعداد الغفيرة للمراجعين، وفي الحقيقة أن مشاهدة العدد الكثير من المراجعين، أثبتت إدارة العيادات الخارجية قدرتها على التغلب علية، بحسن الإدارة والتنظيم، فجهودهم كبيرة، وتستحق الثناء، ابتداء من مدير العيادات وهو برتبة عميد، لا اعرف اسمه ولكن شاهدته وهو يتفقد ويتابع باهتمام، و والشكر موصول لضابط الإدارة المقدم عبدالله بيك على حسن تعاونه و كرم أخلاقه، ثم أيضا الشكر للطبيب المقدم منصور بيك، والذي كان الفحص الطبي لوالدتي عنده، فان كان اسمه طريف فحقيقة أن الرجل لطيف طريف، وله كل الشكر والعرفان بالفضل، وفي الحقيقة أن الوقت الذي استغرقته المراجعة، قياسا على ما كنت متوقعه قليل جدا، وتخلل هذا الوقت أيضا التحويل لقسم الليزك في المدينة الطبية، والذي أيضا سرعان ما أنجزت مهمتنا به، عند الطبيب الملازم بشار أفندي، والذي له أيضا جزيل الشكر، ثم كان لنا عود على العيادات الخارجية، حيث تم تحويل والدتي إلى دائرة العيون في مدينة الحسين الطبية، وبذلك انهينا يوم المراجعة الأول.

     وفي اليوم التالي كان موعدنا مع دائرة العيون، فكان أول ما دخلنا الدائرة بحدود الساعة الثامنة والربع صباحا، كانت قاعة الانتظار تفيض بمن فيها، فبدا القلق من صعوبة انجاز مهمتنا يتولد من جديد، فقدمت أوراق التحويل للنقيب نهى بيك، والتي تبين لاحقا أنها أشهر من نار على علم، في خدمة المراجعين، وأنها مثال في حسن التعامل والتعاون رغم كثرة المراجعين من حولها، ففورا قامت بطلب إجراء فحوصات مخبريه وتصوير بالأشعة وإجراء تخطيط للقلب لوالدتي، والحقيقة أن انجاز كل هذه الطلبات لم يستغرق كثير وقت رغم كثرة المراجعين، ثم عدنا لنهى بيك، حيث أدخلتنا لعيادة الطبيب معالي، الذي بدوره أجرى الفحوصات اللازمة، والتي انتهت إلى تحديد موعد للعملية، والحقيقة أن التنظيم وحسن الإدارة كان سببا مباشرا لتفوق العاملين، بالإضافة إلى السمعة الطيبة للمرتب من أطباء وإداريين.

     فمن خلال تعاملي المباشر مع هؤلاء النشامى والنشميات من مرتبات الخدمات الطبية الملكية، سواء كان في العيادات الخارجية، أو في دائرة العيون والمختبرات والأشعة، أقول إن الجهود الكبيرة التي يبذلونها نابعة عن ثقافة أخلاقية ومؤسسية راقية جدا، فلهم كل الشكر، ومع كل الأمنيات لهم بالتقدم والازدهار.

18‏/06‏/2012

نائب مهجهج




     من الطبيعي أن يكون مجلس النواب مكان مناسب للخلاف في وجهات النظر والآراء، سواء كان هذا الخلاف نابع من حس وطني بالمسؤولية، أو لمصالح شخصية وبتوجيهات محددة من متنفذين، أو حتى جهات رسمية، فالأمر لم يعد يخفى أو يحتاج إلى عبقرية في الإدراك، أو حدس لاستيعابه وفهمه.
    ولكن عندما تصل الأمور بالسادة النواب للتطاول على بعضهم بالكلام السوقي، وهذا ألطف ما يمكن وصف كلامهم به، أو بالضرب باليد، أو باختراع موضة جديدة وهي ضرب زملائهم بالأحذية، فنقول للنائب المحترم أن مثل هذا التصرف هو مثال للإفلاس السياسي والأخلاقي، فمن حسن الخلق التعامل مع الناس بالرفق واللين، ومن السياسة إقامة الحجة بالدليل والبرهان، ولكن هذا لمن يملك هذه المقومات، أما المفلس من مثل هذا الرصيد، فكل ما يكون منه عجب على عجب.
     فيبدو أن سعادة النائب السعود خرج من منزله إلى مجلس النواب بدون أن يرجوه اصغر أبنائه بان " لا يعمل هوشه في المجلس"، أو ربما انه تعمد ذلك حيث خرج بدون أن يشعر به ابنه عمر، حتى لا يلتزم معه بموثق لا يستطيع أن ينكث به.
     فتصرف سعادة النائب في مجلس النواب كان غير مسئول، وبحده ما كان لها أي داعي، إلا إذا كان قانون الانتخاب مدار الحديث، ومربط الفرس، في خلاف السادة النواب يروق لسعادة النائب السعود، فمثل هذا القانون كفيل بإعادته إلى المجلس، وإلا فان المجلس بقانون انتخاب عصري عصي عليه، إلا إذا تدخل من يستطيع أن يوصله إلى المجلس بصوت من خارج صناديق الاقتراع.
    فلو نظرنا لمواقف سعادة النائب، لوجدناها على خلاف مع نداءات المواطنين، فسعادته مؤيد ومتحمس لإنشاء مفاعل نووي لتزويدنا بالطاقة، في حين أننا عاجزين عن توفير كامل حاجات المواطن من مياه الشرب، وتجده أيضا مبغض للأحزاب الإسلامية، وقلق من أي تطور في علاقتها مع الحكومة، وتجد سعادته قابل للثوران عند الحديث عن أي مطالب بتعديل الدستور، وتجده عدو المسيرات التي تخرج مطالبه بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين.
     فهل سعادة النائب موجود في مجلس النواب ليمثل الشعب الأردني، أم ليكون مصدر قلق وانزعاج لكل النواب، يتحاشون التعامل معه أو حتى مخالفة أرائه، حتى لا يقعون في أي إحراج، أو يتعرضون لأي مضايقة، كما حدث مع سعادة النائب جميل النمري.
     يبدو أن سعادة النائب بحاجة إلى وصاية من ابنه عمر، عند كل خروج باتجاه المجلس، عسى أن لا يعمل سعادة النائب "هوشه" في كل مرة يتم فيها طرح موضوع مهم وحساس، يؤثر على مصير الشعب الأردني، الذي فرض عليه كثير من نواب مجلس الأمة.



16‏/06‏/2012

احذر الشعب واعي


     إلى حد ما استطاعت الحكومية من خلال التعديلات الدستورية الأخيرة أن تسكن مطالب الشعب بتعديل الدستور، واستطاعت أن تقنع المحايدين في الشارع الأردني من جديتها بالتعاطي مع المطالب الشعبية، وأنها تعمل ما بوسعها.

      وفي نفس الوقت لم تمس التعديلات الدستورية أي من المواد التي تقيد حدود السلطة، والتي تفتقد لأي عنان يلجمها في اتخاذ القرار بكل مستوياته، لا بل أوجدت الحكومة من يطالب بعدم تعديل أي من مواد الدستور التي تحد من صلاحيات الملك، على اعتبار أن الملك يمثل الرمز، ويمثل محل إجماع كل الأردنيين، واستطاعت أن تشكك بانتماءات الجماعات التي تطالب بالإصلاح، وتشكك بنواياهم.

     و في جانب التقدم بإقرار قوانين ناظمه للعمل السياسي، فبعد عسر طويل جاء قانون الأحزاب السياسية، وبدأت تظهر معالم قانون الانتخاب، والذي يظهر انه عقدة خلاف، وسيبقى ما بقي الصوت الواحد، وما بقيت المحددات التي تحد من أن يكون النائب نائب وطن لا نائب دائرة انتخابية، والسبب بسيط وهو يقين الحكومة أن أي قانون انتخاب لا يكون بهذه الصورة سيؤدي إلى ضياع السلطة من يد الحكومة، لأنه سيولد مجلس نواب، لا مجلس 111.

     فمن خلال الانطباعات الأولية المتكونة عن قانون الانتخاب، فان المجلس القادم سيكون نفس المجلس الحالي، مع إجراء تعديل بسيط وهو تغيير في صور بعض النواب، ومن هنا أرى أن من الحكمة أن لا تلجا الحكومة إلى إجراء انتخابات نيابية هذا العام، مادامت هذه المعطيات التي تتوفر لديها، وعليها باستمرار التمديد للمجلس الحالي، بسبب وجود قوة قاهرة متمثلة بعدم توفر إمكانيات مالية لدى الدولة لإجراء انتخابات نيابية، فمن التبذير الإنفاق على إجراء انتخابات نيابية صورية، مادام الفكر هو محاصرة مطالب الإصلاح وتطويقها وإثارة الشائعات حولها، وتبني سياسات تحصين رموز الفساد من المسؤولية.

     فسيدي جلالة الملك، أرجو أن توعز للحكومة أن تتخلى عن فكرة إجراء الانتخابات النيابية هذا العام، لعدم الجدوى من تغيير صور النواب، وأيضا ليطول عمر حكومة الدكتور فايز الطراونه، عسى أن نشهد مع انقضاء فصل الصيف ارتفاع آخر على أسعار المحروقات، مع التأكيد عليه بضرورة شمول الكاز والديزل والغاز بالارتفاع القادم، لكون الطلب على هذه المواد سيرتفع مع دخول فصل الشتاء، والذي اعتقد انه سيكون بارد جدا على كثير من الأسر، كما أظنه سيشهد مزيدا من حالات الانتحار، بعد أن أوصلت الحكومات المتعاقبة الشعب إلى حالات اليأس، ولكن في نفس الوقت فعلى الحكومة أن تعي، أن الشعب إذا وصل إلى حالة اليأس والشعور بعدم الثقة من الحكومة، فسيثور عليها ثورة كتلك التي شعت بتونس، وعصفت بمصر وأطاحت بملك ملوك أفريقيا، وقيضت حكم صالح، وتأكل الآن بعرش الأسد.

13‏/06‏/2012

انهج دولة الرئيس







     نعم انهج دولة الرئيس، فمن خلال حكمتك وحنكتك الخرقاء، التي فِضت بها علينا، منذ اليوم الأول بالتبشير بك رئيسا للوزراء، وأنت تجر البلاد نحو التأزيم، والدخول في مراهنات بقدرتك الخارقة على امتصاص غضب الشارع المطالب بالإصلاح، وإدخاله في دوامة الاستجارة بدولتكم، لعدم رفع الأسعار، حتى لا يستفيق أبدا ويطالب بتكسير رؤوس رموز الفساد، التي تستظل بظلالكم الرسمية.

      انهج دولة الرئيس لأنك مع كل صباح تخلق لنا مشكلة جديدة، تعدنا في المساء أن قراراتك العبقرية لن تطال المواطنين ذوي الدخل المحدود، وتؤكد أيضا أن الطبقة الوسطى ستستقر في ضوء سياساتك الاقتصادية، ونستيقظ على مصيبة تجرها لنا حكومتك، لا تستثني منا أحدا.

     دولة الرئيس أقول لك انهج، فعدد محبيك من الشعب أظنه، إن زاد عن زوجتك وأبنائك، لن يتعداهم إلا لفريق وزارتك وسيدك، وقليل ممن لم يلمسهم بعد ضرر وجودك في رأس السلطة، أو منتفع متكسب.

     انهج دولة الرئيس، فقد أبليت بلاء الشجعان، في تحطيم أسطورة أنا دولة قانون وسيادة، واثبت لنا أننا تبع للصوص المال العام، وجموع تجمعنا كلمة و تفرقنا كلمة، حتما ستسقط حكومتكم يا فايز، كما سقطت حكومة زيد من قبل، ولحقته حكومة ابنه وحكومة معروف من بعده، وليسقط كل هواة التبعية لحضن صندوق النقد الدولي.

     انهج دولة الرئيس، فالبلد بدون دولتكم أقوى واعز، وبغياب عبقريتكم وحنكتكم وميول تبعيتكم اهدأ لبنيه وأكثر أمنا، فمصداقيتكم لا أذن تسمعها، ولا عقل يقبلها، ووطنيتكم معيار قناعتنا بها، كمعيار قناعتنا بعودة الأمور لما كانت عليه، قبل تربعك على كرسي الرابع المتحرك.

     انهج دولة الرئيس، فالشعب كان بنار، واتيت أنت له بنار أخرى، أخشى ما أخشى أن تحرق أنت بنارك، ما كنا نخشى أن يُحرق من بقايا هيبة، ما عادت تسترها عباءة، ولا حتى شلة زعران.

11‏/06‏/2012

الإصلاح خيانة للخيانة


     لورنس كان في ضيافتنا ووثق أحداث الثورة العربية الكبرى على هواه، وكان يهتم بوصف تضاريس الأرض التي يمر عليها، ويظهر معاناته والحالة النفسية التي كان يعيشها خلال ترحاله، ويتحدث عن معاناته مع العطش والتعب أكثر مما يذكر عن بطولاته في المعارك، التي ربما كانت تحدث، ويتحدث عن مهارته في زرع المتفجرات في محطات سكة الحديد، لقطع خطوط الإمداد على فلول الجيش التركي، وملأ أعمدة الحكمة السبعة بالقصص البطولية عن نفسه، و يقول: انه مر بالجفر بصحبة عودة أبو تايه، وروى لنا كرم الضيافة الذي لقيه في المنطقة، وقفز وإذا به يتحدث عن السيطرة على العقبة، وبعدها يعود للحديث عن السيطرة على معان، وبعدها بدأ الحديث عن حلمه بدخول سوريا وتطهيرها من فلول الجيش التركي، فهل  كان لورنس القائد الميداني لمعارك الثورة العربية الكبرى، والخادم المطيع للملك عبدالله الأول؟ أم كان لورنس ابن الجيش البريطاني، وعينه على الملك وقواته الثائرة على الحكم التركي؟

     وكركبرايد أيضا في خشخشة أشواكه، وصفنا ببلاد بلا بشر، وأعجبته  شجاعة البدوية وكرم ضيافتها له أثناء ضياعه في الصحراء، وأثنى عليها المديح، أكثر من مديحه للملك عبدالله الأول، والذي وصفه بالمتمسك بالعرش والقلق عليه حتى من أبيه، واستمر معتمدا لبريطانيا في المنطقة لثماني سنوات فهل كان كركبرايد فقط معتمدا لبلاده في منطقتنا؟ أم كان أيضا آمرا باسم بلاده التي أوجدت الحاكم والدولة على من يسكنها.

     ولم تنتهي فصول السيطرة البريطانية بعد ذلك، فبريطانيا زرعت كلوب على رأس القوات المسلحة، ومعه معاونيه من الضباط البريطانيين، إلى أن اقتلعهم الملك حسين بقرار تعريب الجيش، والذي يعتبر قرار ملكي بامتياز، اتخذه الملك حسين بمنتهى الشجاعة، وان بقي كلوب يعد نفسه حتى نهاية حياته الجندي المطيع والخادم الأمين للأردن والملك، والمحب لشعبه، وكان يعتبر نفسه اقرب إلى أبناء البادية من حكامهم، ويرى فيهم أهل الضيافة والشجاعة والكرم، كما يصور ذلك في كتابه حياتي في المشرق العربي، ويتحدث عن انجازاته في بناء الجيش العربي، الذي كان يرى فيه أن كفاءته بلغت المستوى الذي يتمتع به الجيش البريطاني، فهل كان كلوب الرجل والضابط المخلص للأردن ومليكه وأهله؟ أم كان ابن بريطانيا المخلص وجنديها المزروع في بلاد المشرق؟

     إذا كان أولائك العملاء خدموا الأردن برسم الخيانة والعمالة لبلادهم الأم،  فقد اعتبروا الخيانة شرف مادامت لمصلحة بريطانيا، ونظروا مع كل سلبياتهم لأبناء البادية بأنهم أهل للشهامة والضيافة والكرامة، والتي انعكست الآن بمنظور سلبي لنا فمن يصل لمنصب المسؤولية في بلادنا اليوم  من أهل البلاد، يرى في أهل البادية سكان المناطق الأشد فقرا والأكثر عوزا، و حتى يختصروا هذه العبارة، سموا مناطقنا بجيوب الفقر لتشمل البادية والقرى، فهل يعقل أن يخون أردني وطنه إذا تولى مسؤولية الأمانة، مهما كانت وظيفته وحدود مسؤوليته، وإذا خان الأردني الأردن، فلمصلحة من؟ أم إن بلادنا لابد أن تحضا بمسئول خائن لها ولو لحساب الخيانة ذاتها، وإذا طالبت بالإصلاح، يرد من اعتاد الخيانة من غير أن يتكلم، بان مطالب الإصلاح خيانة للخيانة.

07‏/06‏/2012

بعض الحقيقة دكتور فهد الفانك

     يقول الدكتور فهد الفانك في مقاله الحكومة وجيب المواطن " الإشكالية في المعادلة المالية الأردنية أن الضرائب عالية ولكنها غير كافية: عالية بدلالة أن الإيرادات المحلية في الموازنة تشكل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وغير كافية بدليل أن الحكومة تعتمد في جانب كبير من موازنتها على المنح الخارجية والقروض. والتفسير الوحيد أن الحكومة وقطاعها العام أكبر مما يطيقه الاقتصاد الوطني".
     فسيدي أقول أن اللجوء لجيب المواطن لتمويل الخزينة وتغطية النفقات كان نتيجة رئيسية لسوء التخطيط، والمجازفة بدخول مرحلة تصفية مصادر رفد الخزينة بالإيرادات المرتبطة بالدومين الحكومي، والمسمى بمرحلة التحول الاقتصادي وخصخصة الشركات والمؤسسات الحكومية، والتي أثبتت التقارير المالية للشركات التي تم خصخصتها أنها شركات ومؤسسات ذات ربحية عالية، والتي أيضا تبين أنها كانت في عهد الحكومة مسندة لإدارات ضعيفة كانت عنوان الفشل الأساسية لهذه المؤسسات، والأمر في كل أحواله لا يعدو أن يكون سياسة للوصول إلى هذه النتيجة السيئة.
     ثم إن الأردن والذي يمتلك ثروات قادرة على رفد الخزينة بالإيرادات في حال استثمارها، عاجز عن التقدم ولو بخطوات بطيئة في هذا المجال، والأسباب كثيرة، فلو نظرنا لتصريحات طوقان بتوفر كميات ضخمة من خام اليورانيوم في البلاد، وانه من المجدي بناء مفاعل نووي في البلاد، فلماذا لا يتم تعدين اليورانيوم وطرحة في الأسواق والاستفادة منه كمورد للخزينة، وتصريحات أخرى بتوفر الصخر الزيتي بكميات اقتصادية، ولم يتم التقدم ولو بخطوة واحدة لاستثماره، أيضا وغيره كثير من الخامات التي تتغني الحكومة بوجودها في البلاد لاستدراج المستثمرين الأجانب، ومن جهة أخرى قامت الحكومة بالإنفاق على تجهيز بنية تحتية لجذب الاستثمارات، ولم تصل ولن تصل إلى معادلة اقتصادية تعود على الحكومة باسترداد ما أنفقته لخدمة هذه الاستثمارات، ولماذا تلجأ الحكومة لفرض مزيدا من الضرائب على المواطنين، في حين أن قيام الحكومة بشراكات مع القطاع الخاص الأردني باستثمار مناسب لموارد البلاد سيجدي أكثر من جلب الاستثمارات الخارجية، وهذا الأمر أيضا يتطلب من الحكومة تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار في شتى القطاعات الخدمية والإنتاجية المحلية بخفض الضرائب، وهذا في طبيعة الحال سيولد فرص عمل في السوق الأردني، الأمر الذي يخفف الضغط على تحميل القطاع الحكومي مزيدا من الموظفين.  
     في الحقيقة أن الإدارة الحكومية تستسهل فرض الضرائب على المواطنين وتبتعد عن أي مشروع يمكن من خلاله خلق إيراد دائم للخزينة، كونه اقل مخاطرة، ولا يوجد له أي تكلفة اقتصادية تحضيرية، ومن جهة أخرى ينحصر خطر فرض الضريبة على الوضع السياسي، والشق الشعبي منه، الأمر الذي لا ترعى له الحكومة كثير اهتمام، فالقوة الأمنية جاهزة للقمع إذا زادت الأمور عن حدود الصبر.
الحكومة وجيب المواطن

01‏/06‏/2012

مدير عام الجمارك غريق يتعلق بقشة



     نلاحظ أن مدير عام الجمارك يتعرض لهجوم قوي هذه الأيام من النائبة الروسان، والحقيقة كما يقول المثل الطلق اللي ما يصيب يدوش، وللأسف إن عطوفة المدير العام أصبح يتخذ قرارات رغم الاعتقاد بأنها بريئة وناصعة البياض إلا أنها أيضا من الممكن أن تفسر بأنها قرارات جائرة بحق الموظفين، وتحتمل التفسير السلبي أيضا، فقد تحمل على أنها صدرت لمحاولة إخفاء أية معلومة من الممكن تصل للموظف، عما يتم تداوله من أخبار ليست في صالح المدير العام، والحقيقة أن الأخبار التي تنشر تستهدف المدير العام شخصيا ولا تستهدف الدائرة أو الموظفين، فقرار حجب استخدام الانترنت بحجة تخفيف الحمل على شبكة الاتصال لصالح نظام الاسيكودا حجة مبالغ بها كثيرا، وقرار منع استخدام فلاشات الانتر نت أيضا بحجة استثمار وقت العمل، والمحافظة على بيئة معلومات آمنة أيضا حجة واهية جدا، وأرجو من عطوفة المدير العام إيجاد حجة قوية لمنع استخدام الانترنت بواسطة الهواتف النقالة إن عزم على ذلك.

     واقترح على عطوفة المدير العام بدل استخدام أساليب مبارك في إدارة الأزمة، أن يقوم بإيجاد آلية مناسبة يتاح لكل موظف من خلالها تصفح الانترنت بزمن ساعة على الأقل، تمنح له لا سيما وان ذلك لن يحمل الدائرة أعباء إضافية، وفي نفس الوقت فان غالب عمل المراكز الجمركية يبدأ تقديم المعاملات الجمركية فيها من قبل شركات التخليص لقسم الاستقبال بعد الثامنة والنصف صباحا، وبذلك فان تصفح الانترنت قبل تقديم هذه المعاملات لن يؤثر على سير العمل، ولا ينتج عنه ضغط على الشبكة، وبالنسبة للموظفين الذين تبدأ أعمالهم فعليا من السابعة والنصف صباحا، من الممكن أن يستخدموا الانترنت بعد الساعة الثانية، والتي غالبا ما تكون البيانات الجمركية أنجزت، أو في مراحل انجازها الأخيرة.

     والسماح باستخدام فلاشات الانترنت أيضا يسهم في استغناء الموظفين عن خطوط الاتصال بالانترنت المقدم من الدائرة، والسماح لمن يشاء من الموظفين باستخدام هذه الفلاشات على أجهزة الكمبيوتر الشخصي الخاصة بهم أثناء أوقات العمل الرسمي أيضا يوفروا استخدام الجهاز والخط العائد للجمارك.

     كما ويحبذ تراجع الدائرة عن حجب استخدام الموسوعة الجمركية من خارج شبكة الجمارك، ويكون الطريق لمعالجة المشاكل بالشفافية، وليس باستخدام السلطة القمعية والقرارات النافذة التي لا تقبل النقاش والجدال، فزمن هذه القرارات ذهب إلى غير رجعة، والتكنولوجيا في مجال الاتصال تفرض نفسها، وهذا أمر لا يمكن تجاهله أو العمل بعكسه.