31‏/05‏/2012

ممكن تقرأ دولة الرئيس


    دولة رئيس الوزراء، ما دامت الحكومة تريد ترشيد الإنفاق، وتريد أيضا تحقيق إيراد من أي مصدر، لدعم خزينة الدولة لمواجهة الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها البلاد، فاني أقدم لدولتكم ثلاث مقترحات، تسهم في تحقيق الوفر من جهة، والترشيد من جهة أخرى لصالح خزينة الدولة.

     أما المقترح الأول، فهو قيام الحكومة بإحالة جميع موظفي القطاع العام الذين بلغو المدة القانونية للتقاعد المدني على التقاعد، وإحالة جميع منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى الذين انهوا الخدمة القانونية أيضا على التقاعد،  وعدم تجديد عقود الواسطة والمحسوبية تحت ذريعة الحاجة لخبير ومستشار، وعدم إجراء أي تعيينات جديدة، وإنما القيام بعملية تدوير للموظفين الفائضين في البلديات والدوائر الحكومية الأخرى، إلى الدوائر التي تكون بحاجة إلى موظفين، ومراعاة متطلبات الخبرة والمؤهل العلمي عند التطبيق، وخصوصا أن عملية هيكلة الرواتب التي اعتمدت مؤخرا تتماشى مع هذا المقترح، وهذا المقترح يسهم في تخفيف حجم الكادر الوظيفي لأجهزة الدولة المدنية والعسكرية، ويسهم أيضا باستخدام الكوادر المتوفرة استخداما امثل، ويؤدي إلى تحقيق وفر مالي متمثل بفارق المستحقات المالية الشهرية للموظف العامل، وبين المستحقات المالية للموظف المتقاعد، ويسهم هذا المقترح أيضا بإتاحة الفرصة أمام الطاقات الشابة لتولي الوظائف القيادية، ويسهم أيضا بتخفيف عدد الرتب العسكرية الكبيرة، والتي تشكل عبء على الموازنة.

     أما المقترح الثاني فيقوم على أساس تخلص الحكومة من أسطول المركبات التي تتبع لها، سواء كانت هذه المركبات من القديمة في الخدمة، أو تلك المركبات ذات سعة المحرك الكبير، والتي تشكل عبء على الدولة في مصروفاتها من الوقود، مع التوقف الكامل عن شراء مركبات أخرى بحجة التبديل مثلا أو لأي سبب آخر، وفي نفس الوقت يكون التخلص من هذه المركبات بإيداعها في بوندد يتبع للحكومة يخصص لهذه الغاية، أو إيداعها في المنطقة الحرة في معرض يتبع ويدار من قبل الحكومة أيضا، ويتم تقدير أسعار هذه المركبات وفق الآلية المتبعة في دائرة الجمارك، ويتم منح المشتري لأي من هذه المركبات إعفاء جمركي بنسبة 30 – 40 % من الرسوم الجمركية عند التخليص على أي من هذه المركبات، لغايات تشجيع المواطنين على شراء هذه المركبات، ويوفر هذا المقترح حال تطبيقه عدة ميزات للحكومة منها تخلص الحكومة من المركبات الفائضة عن الحاجة و المركبات التي تشكل مصاريفها عبء على ميزانية الدولة، ومنها أيضا بيع هذه المركبات بسعر عادل، يكون في أسوء حالاته أفضل من بيع هذه المركبات بمزادات علنية تجعلها عرضة للتلاعب والاستغلال من قبل المتنفذين.

     أما المقترح الثالث فيقوم على إدارة الموجودات واللوازم في كل وزارة أو مؤسسة أو دائرة أو مركز حكومي، فنظرا لتوفر أجهزة الحاسوب في كل الدوائر الحكومية فليس من الضروري قيام دائرة اللوازم العامة بطباعة الورق المروس الذي يستخدم للمخاطبات الرسمية، وإنما يتم الاكتفاء باستخدام ورق التصوير، ويتم حفظ ترويسة كل كتاب حسب الوزارة والدائرة على أجهزة الحاسوب المتوفرة لديها، كما وتتوقف دائرة اللوازم عن إصدار الأجندة، والمفكرات، ودفاتر المذكرات الداخلية، واستثمار الأجهزة المتوفرة في المكاتب الحكومية بشكل امثل لهذه الغاية، كما ويشمل هذا المقترح أيضا الحد من استخدام الطابعات، فليس من الضروري أن يكون مع كل جهاز كمبيوتر طابعة، وإنما يتم ربط أجهزة الحواسيب بطابعة واحدة، وهذا أمر ممكن تقنيا في حالة وجود شبكة اتصال داخلية، وفي حالة عدم وجود شبكة الاتصال الداخلية، فان تكاليف عمل وصلات الطابعة مع الأجهزة المتعددة أوفر كلفة من استخدام عدة طابعات في مركز أو قسم واحد، كما ويشمل المقترح عدم تجديد عطاءات التنظيف والخدمات العامة للمباني الحكومية، والاستعاضة عنها بالاستفادة من  الموظفين الذين تم تدويرهم ممن يشغلون مثل هذه الوظائف، أو عينوا أصلا على مسمى هذه الوظيفة، وهذا المقترح في حال تطبيقه سيسهم في خفض النفقات والمصاريف التي كانت ترصد لتلك الغايات بشكل ينعكس ايجابيا على النفقات العامة للدولة.  

28‏/05‏/2012

فقر وبذخ الدولة



     تمر البلاد في أزمة اقتصادية مستعصية على الحل، ليس لعدم وجود حلول وبدائل، ولكن لأن الحكومة تصر على عدم تبني أية حلول تقضي بمصادرة أية مكتسبات حُققت في زمن التكسب والتنفع، الذي انطلقت شرارته الأولى من يوم 25/10/2001، وهو اليوم الذي أعلن فيه عن مولد برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، واعتباره المشروع الوطني الرائد، لتحقيق النجاح الاقتصادي و تأمين الرخاء للمواطنين.

     واليوم وبعد أن صفى الأردن موجوداته وباع مؤسساته برسم الهدية تحت مظلة هذا المشروع، أصبح على شفا الإفلاس، فالمديونية تفاقمت لحدود تجعل من الصعب على المقرضين تقديم أية قروض إضافية للبلاد.

     ولكن الغريب أن هذا البلد الفقير المعدم يبذخ في الإنفاق ولا يخشى العواقب، ومن صور الإنفاق، جيش من الوزراء في حكومة رجل لا توجد له شعبية، ومنبوذ من الشارع من قبل أن  تصدر الإرادة بتكليفه، ومجلس نواب يصر على اكتساب رواتب تقاعدية مدى الحياة، وهو يرى أن البلاد تنجرف نحو الهاوية، واحتفالات تقام تتغنى بالاستقلال والأعياد الوطنية وكأن المؤسسات القائمة عليها لا تعيش الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وأسطول من السيارات الحكومية للترفيه والوجاهة وخدمة المسئولين وأفراخ المسئولين أكثر منها للخدمة المدنية، و تتحمل الحكومة نفقاتها وهي تتوارى بسواد الوجه من الدين والمديونية، وتتكرم الحكومة بمقدرات البلاد وتقدمها سهلة للمستثمرين، وتقدم لهم من التنازلات والتسهيلات مالا تقدمة أمريكا لرعاياها، وتبني الحكومة ممالك داخل المملكة لأبناء الذوات وتجعل لكل منهم هيئة يستقل بها ويبذخ في أموالها كيف يشاء، ثم تأتي الحكومة لتجفف منابع نفطها المتمثلة بجيوب مواطنيها بضرائب مباشرة وغير مباشرة، وتخدعهم باقتطاع 20% من رواتب وزرائها و15% من كبار الموظفين العسكريين والمدنيين لخزينة الدولة، ومن العجب أن الموظف البسيط يدفع أجور مواصلاته للعمل ونفقات ضيافته على حسابه، والمسئولين المتبرعين بنسبة من رواتبهم مؤمنة لهم الضيافة والرفاهية والسيارة والسائق.  

     فلو تم إلغاء كل مظاهر الترف والبذخ الحكومي، ورشد الإنفاق، وتمت معالجة ظواهر الخلل على كل المستويات، وتمت إدارة المال العام على الوجه الصحيح، ورفعت الأيدي التي تتكرم بالمال العام، و التي تهب منه لمن تشاء، وتنفقه كيفما تشاء، وضربت أيدي الفاسدين، وصودرت أموالهم لحساب الخزينة، لحلت مشكلتنا الاقتصادية، بدون الحاجة لطرق الأبواب نستجدي ونطلب المعونة، التي إن أتت تتلقفها الحيتان وحماة الحيتان، أو التسلط على المواطن بضرائب تجعل من الحليم فيهم قنبلة تنفجر في أي لحظة، أو تجعل أكثر الموالين يقول إن البيعة الآن على المحك، وان العقد إذا لم تراعى شروطه يفسخ.

23‏/05‏/2012

تسمين المستثمر وحلب المواطن



     تعمل الحكومة على تسمين المستثمرين، وتقوم بتقديم كل أنواع الدعم الحكومي  لهم، والمتمثل بإعفاءات ضريبية وتسهيلات ائتمانية، وتسخير موظفين الدولة لخدمتهم، وتجهيز بنية تحتية تخدم نشاطاتهم الاستثمارية، واليوم وفي الفترة التي ترزح فيها الحكومة تحت ثقل الدين، ومسؤولياتها المتراكمة، ومخاوف كبيرة تروج لها الحكومة تنذر بإفلاس وشيك للبلاد، فيما لو لم تقم بمعالجة ضريبية سريعة تنقذ ما يمكن إنقاذه، وترفد الخزينة بإيرادات تستطيع من خلالها الحفاظ على توازنها والبقاء في وضع مريض الإنعاش على الأقل في الفترة الحالية.
     كما وتبدأ الحكومة متمثلة بمجلس الوزراء بتنفيذ سيناريو إقناع نفسي للمواطنين بضرورة تبني فكرة تحمل العبء الضريبي الجديد، وذلك بتنازل رئيس الوزراء والوزراء مشكورين عن 20% من رواتبهم لصالح خزينة الدولة، ثم يلحق بهم كبار ضباط القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني بتخفيض 15% من رواتبهم، ولم ترد أنباء بعد عن مساهمة الملك والأمراء وكبار موظفي الديوان الملكي وضباط الدرك والمخابرات العامة بتبني مثل هذه الخطوة بعد، ولم يتبناها أيضا المدراء للمؤسسات والدوائر المستقلة.
     أما القطاع الخاص والمستثمرين على وجه الخصوص، فكأن الحالة العامة للاقتصاد الأردني لا تعنيهم أبدا، وهذا من الطبيعي فهم محصنون بموجب قانون تشجيع الاستثمار، الذي يكفل لهم حقوق تجعلهم ينعمون بخيرات البلاد بدون المساهمة بحل مشاكلها، مكتفين بالعبء المتمثل بتشغيل أبناء البلد، والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد، وتنشيط التبادل التجاري، كأكبر ما يمكن عمله، لا بل ويعتبرون ذلك كثير أيضا ومع تحميلنا الجميل على ذلك.
     وللأسف بعض الاستثمارات تبين أنها نتائج غسيل أموال، يستغفلوننا ويتخذون من شرعنه إعمالهم في بلادنا غطاء، و بعد أن يتنفسوا وينهوا عملية تبييض أموالهم يتركوا الفرصة العظيمة المتاحة لهم في بلادنا، و يقصدوا محجهم دول أوروبا أو الولايات المتحدة، وتبقى حكومتنا لاهي التي كسبت استثمار ولا هي التي جنت ضريبة، وتكون استثمرت الجزء الذي لم يسرق من أموالها من عوائد التخاصية في البنية التحتية لخدمة المستثمرين، وبعد سنتين أو ثلاث يغادر المستثمر ويتركنا، وترجع الحكومة تبحث في جيوب المواطنين عن مزيد من الضرائب، لتغطية عجزها وخيبتها.
     أما القطاعات التي تعتبر مناسبة لتشجيع الاستثمار فهي محصورة في الصناعة، والزراعة، والفنادق، والمستشفيات، والنقل البحري والسكك الحديدية، ومدن التسلية والترويح السياحي، ومراكز المعارض والمؤتمرات، ونقل وتوزيع المياه والغاز والنفط، ومراكز الاتصال، والبحث والتطوير فإذا كانت هذه القطاعات معفية وتتمتع بمزايا تشجيع الاستثمار فمن أين تأتي الإيرادات للدولة، التي باعت مؤسساتها برسم الهدية ولم يبقى لديها غير المواطن بقرة حلوب يدر لها ضريبة.

22‏/05‏/2012

ضريبة بعيدا عن المواطن



     يبدو أن كل الأردنيين يحلمون بتحقيق إصلاحات تطال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا الحلم يبدو من استقراء الواقع انه غير ممكن لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها الوضع الاقتصادي العام للدولة، فتركيبة البناء الاقتصادي هشة جدا، وذات آثار مباشرة على المواطن ذو الدخل المتوسط والفقير، على اعتبار أنها الشريحة الأكبر في المجتمع، وهذا ما يفسر اعتماد إيرادات الدولة على الإيرادات السيادية المتمثلة بالضرائب والرسوم، والتي تشكل في مجملها 73% من إجمالي الإيرادات المحلية، وفي نفس الوقت تعثر الإيرادات المتولدة من الدومين الحكومي، والذي يتكون من إيرادات الدولة من أسهمها في الشركات التجارية و الشركات التابعة لها، وعوائد مختلفة أخرى ناتجة عن عمليات الخصخصة، والتي رغم أهميتها إلا أنها باتت تشكل عبء على ميزانية الدولة، للتفاوت بين التفاؤل في توقعات عوائدها وما يتم تحقيقه فعلا، والجزء الثالث الذي يعتبر من مكونات إيرادات الخزينة هو المساعدات الخارجية، والتي هي أيضا في تذبذب كبير، وتجر البلاد نحو تبعات سياسية  ذات اثر مباشر على السيادة في القرارات والتوجهات التي تفرض لقاء هذه المعونات.
       هذا في جانب الإيرادات، أما في جانب النفقات فالحديث تعكسه نفقات فعلية للبلاد تفوق مجموع كل الإيرادات الفعلية، ويتم التعامل مع متطلبات هذه النفقات وكأننا دولة نفطية أو إحدى دول النمور الآسيوية، فنفقات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، تفوق ثلث خصوم الموازنة العامة للدولة، والنفقات في هذه القطاعات بحاجة ماسة إلى ترشيد، كما ويجب على الحكومة العمل الجاد على تحقيق وفر من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي للوزارات والدوائر الحكومية في نفقاتها العامة، ونفقات السلف للدوائر والمؤسسات، واقتصار طرح العطاءات الحكومية على المشاريع الأكثر ضرورة والأبرز أهمية، وتفعيل الأدوار الرقابية القانونية على كل المؤسسات الحكومية التي تعود ملكيتها للحكومة، والتي ترفد الخزينة بالإيرادات المالية، ومعالجة ظواهر الخلل الإداري فيها، والتي تسببت بتكبيد هذه المؤسسات خسائر متلاحقة بسبب ضعف الإدارة المتربعة في وظائفها العليا، وكل ذلك وصولا إلى تحقيق تخفيض في النفقات يتجاوز حدود 588 مليون دينار أو ما نسبته 14 % من الميزانية العامة للدولة، مع استثناء المساعدات الخارجية من الاحتساب، فإذا تعاملت الحكومة بجدية في هذا المجال، فمن السهل تحقيق هذا الوفر المالي بدون كثير عناء.
     وفيما يتعلق بالحاجة الماسة لزيادة العوائد الضريبية المكملة لتحقيق هدف الحكومة بتوفير 785 مليون دينار، أرى أن تقوم الحكومة بفرض الرسوم والضرائب على القطاعات الاقتصادية النشطة وعدم تحميل عبئها بشكل مباشر للمواطن، وفقا للتفصيل المبين تاليا، قياسا على المعطيات المالية للعام 2011 المنشورة عن طريق وزارة المالية: وذلك بفرض رسم على الصادرات الوطنية الكلية بنسبة 1% والذي يتوقع بتطبيقه تحقيق إيراد يقدر بـ 57 مليون دينار، فرض ضريبة عبء ميزان تجاري على المستوردات بنسبة 1% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 130 مليون دينار، فرض ضريبة على السيولة النقدية في البنوك التجارية بنسبة 0.025% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 6 مليون دينار، فرض ضريبة على التسهيلات الأتمانية للقطاع الخاص والمقدمة من البنوك التجارية بنسبة 0.025% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 4 مليون دينار، فرض ضريبة تداول الأسهم في البورصة بنسبة 0.005% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 143 ألف دينار، وهذه الضرائب بمجموعها توفر إيراد للخزينة يقدر بـ 197 مليون دينار، ولا تشكل عبئا كبيرا على هذه القطاعات الاقتصادية ولا تكون ذات اثر مباشر على المواطن وفي نفس الوقت تساهم بإخراج الاقتصاد الأردني من حالة التأزم التي يمر بها وتوصله إلى إكمال توفير الـ 785 مليون دينار التي ستسهم بإنهاء حالة القلق الاقتصادي التي يعاني منها الاقتصاد الأردني.

14‏/05‏/2012

لو كنت مهدي الملك


     منذ أكثر من عام مضى، وجلالة الملك يجري زيارات شملت كل العشائر والمدن والمخيمات في المملكة، ورغم أن هذه الزيارات الملكية يجب أن تُحمل على أنها روتينية وعادية، تهدف إلى تفقد أحوال الناس، وإيصال رسالة مفادها أن الشعب تحت الرعاية الملكية، وان الملك ليس بعيدا عن شعبه.

     وأصبحنا أيضا نلحظ خلال الزيارات الملكية التي تتم مؤخرا، قيام الوجهاء بتقديم الهدايا للملك، ويتم تسليط عدسات الكمرات على صور هذه الهدايا، التي في اغلبها تكون إما السيف أو المصحف، والتي قد تحمل إشارة أن مقدم الهدية يجود بأعز ما يملك، وان وقفته إلى صف الموالاة الحقيقية للقائد، مدعومة بالقوة والإيمان والعزيمة، ولو كنت مهدي للملك لأهديته كتاب مقدمة ابن خلدون.

     وأنا هنا لا استكثر على القائد حب شعبه، ولا استكثر على الشعب حب القائد، فهذه المشاعر المتبادلة سجية في النفس لا تحيد عنها، إلا إذا اكتشف أي الحبيبين أن قبيله ينافقه، وهذا النفاق أيضا موجود قديما قدم الأيام، وباقي ما بقي على الأرض إنسان، فقد مات القذافي وبعض مواليه يتغنون بمجده، ورحل مبارك و مواليه يتغنون بعظيم صنائعه، وبشار اليوم يسلط جيشه على شعبه ويقتلهم، وهناك من يتغنى بالقائد الحامي، والأسد المغوار.

     ونحن في الأردن لن نقول إننا لسنا كمثل مصر، أو ليبيا، أو سوريا، بل نحن كمثلهم، ولا فرق لنا عنهم، إلا بشيء واحد، وهو إننا في الأردن إذا اشتد الوطيس لا نخرج من بلادنا، نموت فيها أو نبقى، نعم نموت أو نبقى، فبلادنا استشرى فيها الفساد وعم، ولن ينجوا من عاقبة هذا الفساد احد، والكل سيدفع الثمن، ومن يسكت عن الفساد سيكون عون له تعمد ذلك أم لم يتعمده.

     فتراكمات الماضي كثيرة، وتبعاته ثقيلة، والمسئول عن الماضي هو من سيقود مركب اليوم، ومن يخطط للمستقبل، ومن يعمل جاهدا للقضاء على الفساد وأهله، لأنه سرطان تفشى، ولا بد له من علاج ناجع، والعلاج المر يمكن تحمله ساعة للخلاص من علة رافقتنا طويلاً، آن الأوان لعلاجها والخلاص منها.

     فالملك بحاجة إلى مستشار أمين، ومواطن أمين، ومسئول أمين، لتصلح حال البلاد، وإلا فالكل سيكون راكب في سفينة، مصيرها كمصير السلام 98.

07‏/05‏/2012

هل يعلم الملك


     هل يعلم الملك أن في الأردن صحفي موقوف على خلفية نشر خبر صحفي، وهل يعلم الملك أن هناك من يخالف أوامره، ويوقف صحفي على خلفية نشر خبر صحفي.

     الم يقل الملك، ممنوع توقيف الصحافيين في قضايا المطبوعات والنشر، الم يقل الملك أنني لا أرى أي سبب لتوقيف صحافي لأنه كتب شيئا.

     هل يعلم الملك بتراجع تصنيف الأردن على سلم الحريات الصحفية، بحسب تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود، المنشور مطلع هذا العام، ثماني درجات من المركز 120 للعام 2010 إلى 128 للعام2011، لتحل المملكة الأردنية الهاشمية في المرتبة العاشرة، بترتيب الدول العربية بنسبة الحريات الصحفية.

     فهل تنتظر قضية الكاتب والناشر والمحرر، جمال المحتسب، واسطة مكونة من وجهاء وشيوخ العشائر الأردنية تؤم بيت البركة، لمقابلة سيد البلاد، طالبة منه التدخل شخصيا للإفراج عن المحتسب، بمكرمة ملكية سامية.

     أم أن المحتسب بحاجة إلى الرجاء لكي تنتهي مدة توقيفه، وتطوى قضية مناهضة نظام الحكم الموجهة إليه، والتي كان سبب قبوعه خلف القضبان فيها، تعرضه لقضية سكن كريم لعيش كريم، التي اقفلها مجلس النواب، وأصبحت في طي النسيان.

      أم تريد حكومتنا أن نقول لها، أما آن الأوان لهذا الموقوف أن يخرج من السجن ولو مكفولا، حتى تفصل محكمة امن الدولة بقضيته، أو تردها لعدم الاختصاص.

     أم تريد حكومتنا أن توصلنا إلى قناعة، أن حدود الحرية في التعبير عن الرأي، ونقل الأخبار الصحفية، ومغامرات النشر، إذا كانت عن الفساد وأهله فهي مقيدة، وتحت طائلة المسؤولية العرفية، وكل قوانين الحرية من الممكن أن يوجد بها ثغرة، تخول محكمة امن الدولة بجلب من ترغب، وتوقفه وتنظر في قضيته.

     فاحتسب يا محتسب، فان الله حسيبك، واعلم أن مكرمة السكن الكريم للعيش الكريم، لحقت بتعليمات الملك، ممنوع توقيف الصحفيين.


06‏/05‏/2012

إصلاحية الحكومة






     يشير الواقع إلى أن الاحتجاجات الشعبية أصبحت كرة ملتهبة تتدحرج، وسيزيد التهابها التجاهل المستمر لمطالبها، والمراهنة على عنصر الزمن، والاختراق لهذه الاحتجاجات، ومحاولة تشويهها إعلاميا، أو مصادمتها بمسيرات موجهة، فهي حلول غير فاعلة، بل إنها تزيد الحِراكات الشعبية حماسا، وتدفع المزيد من الأفراد للتضامن معها وتأييدها، وكل هذا يشكل تناقص مستمر للأصوات المؤيدة للجهة الرسمية.

      والحكومة من جهتها تكثر في طريقها العراقيل، فوصولها إلى الدوار الرابع بدون المرور بصناديق الاقتراع سيجعل منها مريضة بالشلل، وعرضه للانتقاد والهجوم باستمرار لكونها موجهه، ولا تعدو أن تكون أكثر من مطبعة لطباعة المسودات، ومن ثم نشرها باسم الحكومة، وبصبغة قرارات مجلس وزراء.

     وفي مثل هذه الظروف، من المتوقع أن تكون لغة التفاهم بين السلطة الرسمية والاحتجاجات الشعبية هي لغة الأمن، والمحافظة على امن البلاد من شرور المغرضين، حسب ما سيصور المحتجين والمطالبين بالإصلاح إعلاميا، ومن المتوقع أن يعمل الإعلام الرسمي عمله، لإظهار هذه الحلول بالحلول الطيبة، التي تسهم في استتباب الأمن، وكسب ما يمكن من تأييد لهذه التحركات الأمنية، فوزير الإعلام مع الاحترام للاسم الرسمي، ناقم على الحكومة السابقة، وسيحلو له مغازلة الجهات الأمنية، فكل القنوات الإعلامية الرسمية رهن إشارة معاليه.

     أما الرئيس، فانه باسم تحميل الوزراء مسؤولياتهم، سيكون متفرغ للدفاع عن مواقفه من معاهدة وادي عربة، وحرصه على بقائها والتمسك بها كخيار أردني لا بديل عنه، وسيوضح لنا دولته أين العسل واللبن من هذه الاتفاقية، التي عجز كل الشعب عن إيجاده، ولم يره إلا المسئولين وكبار التجار ورجال الدولة، وربما يقر مجلس النواب في عهد دولته، إصدار شهادة تقدير لأحسن رئيس وزراء يمر على البلاد منذ عهد الإمارة، لكون المجلس متفرغ، بعد أن استطاع إقفال كل ملفات الفساد، واقر كل مشاريع القوانين المقدمة له، وفي فترة التمديد سيبقى المجلس يغازل دولة الرئيس ويناقش قانون الانتخاب الذي بإقراره يوقع النواب على إقالتهم.

04‏/05‏/2012

من ضد الإصلاح

     إذا كان الشعب يطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد، ويصر على هذه المطالب، ولا يعتبرها مطالبه الوحيد، بل يطالب بإجراء إصلاحات تشمل كل نواحي الحياة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويحاول الضغط على الحكومة باستمرار، لاتخاذ إجراءات فاعلة في هذه الاتجاهات، ورغم تعاقب ثلاث حكومات ووصول الحكومة الرابعة بالسقوط الحر، منذ بداية الخروج للشوارع، احتجاجا واعتصاما، وإسماعه الحكومات بمطالبه، بصوت يخترق مسامعها، ويستفزها في بعض الأحيان، ويثيرها في أحيان كثيرة، إلا انه لا تزال تفاعلية الحكومة مع طموحات المواطنين أدنى من المستوى المقبول، بل إنها في اغلبها شكلية، وتفتقر للجدية الحقيقية لانتهاج منهج إصلاحي شفاف وصحيح.
     والملك منذ تسلمه سلطاته الدستورية، وهو يتحدث عن الإصلاح، ولا يكاد يخلو كتاب تكليف لأي من الحكومات، من الحث الملكي على القيام بإجراء إصلاحات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، والنتائج تأتي دائما مزيد من المديونية، وتزوير للانتخابات، وزيادة في مستويات الفقر، وانتشار اكبر للفساد.
     والحكومات المشكلة كلها، كانت تطل علينا بالعبارة المشهورة، والتي تعتبر طابع الحكومات الأردنية، إن الحكومة تعمل جاهده على إجراء إصلاحات سياسية، والحكومة تعمل جاهده على معالجة الاختلالات الاقتصادية، والحكومة تعمل جاهده على معالجة وتقليص الفجوة الطبقية الاجتماعية، وإنها حريصة على إنقاذ الطبقة الوسطي من التلاشي، والحكومة تعمل جاهدة على أن تكون مؤسساتها على قدر كبير من المهنية، والشفافية، وتحمل المسؤولية، كما وتعمل الحكومة جاهدة على إيجاد مناخ استثماري رائد في المملكة.
     وبعد ذلك فما هي الأسباب وراء عدم تحقق الإصلاحات، وما هي الأسباب وراء تفاقم المشاكل التي كانت محور العملية الإصلاحية، فالمشاكل السياسية التي كان من المأمول حلها، أصبحت أكثر تعقيدا، لا بل إن إيجاد حلول لها في ضوء معطيات الواقع الحالي صعبة جدا، فالمطالب الشعبية بالحكم الشعبي، وإجراء انتخابات نيابية نزيهة، أمر لن يستطيع أن يصدق بإمكانية حدوثه احد من المواطنين، ولن يجرؤ أي مسئول أن يعد به، والإصلاحات الاقتصادية، وتطويق الفقر والبطالة، أمر لن تستطيع ميزانية الدولة أن تتحمل أعبائه، فميزانية البلاد رغم اعتيادها على تحمل العجز، إلا أنها أصبحت مثقلة من المديونية، التي يشكل نصيب الفرد منها أكثر من 3000 دينار، وأما على الصعيد الاجتماعي، فالهوة تتسع بين طبقة كبيرة جدا من الفقراء، وطبقة صغيرة من الأغنياء، يفصلها طبقة متوسطة اجتماعيا، قد يقل حجمها عن حجم الطبقة الغنية، وكل جهود الإنقاذ الرامية إلى تعزيزها وتنميتها، يحد منها انتشار ظاهرة الفساد، التي تعجز الحكومة عن إيجاد حلول ناجعة له، لقوة أقطابه وتنفذهم على مفاصل الدولة الأساسية، التي كان من أهم أسباب وجودها محاربتهم، لا مناصرتهم وحمايتهم، وإغلاق ملفاتهم، ومنحهم براءات وشهادات تقدير، على حسن الانجازات، والعطاء المتفاني لخدمة الوطن وأهلة.
     فإذا كان الشعب يطالب بالإصلاح، والملك يحث على الإصلاح، والحكومات تعمل جاهدة على الإصلاح، فلماذا لا نرى الإصلاح، ونرى صورة أخرى معاكسة له، أم أنها دعاية إعلامية موجهه للخارج، ونحن غير معنيين بها، حتما لن نصل للإصلاح حتى ينكشف من يقف ضد الإصلاح، ثم يُقصى لتستمر المسيرة.

02‏/05‏/2012

فرصة الرئيس


     نتمنى أن لا يطل علينا رئيس الوزراء بحكومة ترضية للوبيات والمتنفذين، تحطم الرقم القياسي بعدد الوزراء، أو يأتي بوزراء تأزيم، فمن غير المعقول في هذه الفترة أن يكون وزير الداخلية من المشهورين بتزوير الانتخابات السابقة، أو وزير تعليم مفجر احتجاجات المعلمين، أو وزير إعلام ساهم بسن أشهر مدونة سلوك في تاريخ البلاد، وتكفي صداميه مع دولة الرئيس نفسه، فملف وادي عربه سيكون وقود الحراكات الشعبية في الأيام القادمة، فرغم عدم إيماني بالنحس فدولة الرئيس ماله بخت، فعندما كان وزير سقطت الحكومة التي هو من بين وزرائها بهبة نيسان الشهيرة، وعندما كان صاحب الدولة فجع الأردن بفقد الحسين بن طلال، ويعود اليوم في ظل ظروف حساسة جدا، من المستبعد توفر أي فرصة نجاح خلالها لإدارة أزمة البلاد، في ضوء الاحتجاجات الشعبية الساخطة على الحكومة، وفي ظل التغول البيني لمؤسسات السلطة التنفيذية على بعضها، فالقرار يشترك به عدة أطراف ولا يرغب أي طرف بالتنازل عن وجهة نظره، ويدفع باستمرار لفرضها على ارض الواقع، والمصيبة أن كل وجهات النظر تشترك بأنها أدنى من مستوى طموحات المواطنين.