06‏/10‏/2016

تعديل المناهج نتيجة متطلب التغير في الثقافة

      قد تكون التعديلات على المناهج الدراسية التي عمدت وزارة التربية والتعليم إلى إجراءها، جعلتنا في لحظة تصادم حقيقية مع أنفسنا، ومع معتقداتنا الأصيلة التي تربينا عليها نحن جيل الآباء، والتي اكتسبناها بفعل عوامل عديدة منها طرق التعليم المنهجي، والتعليم المكتسب، وطبيعة المجتمع المحافظ الذي نعيش به، والتي تشكل بدورها البيئة المعيشية العامة لحياتنا اليومية، فجعلنا من عنوان الرفض لهذه التعديلات شعاراً نطلقه في وجه وزارة التربية والتعليم.
      ومع الشعور بالصدمة من هذه التعديلات التي أدخلت على المناهج التعليمية، والمبالغة في محاولة تصحيح الأخطاء المتراكمة فيها، إلا أنه يجب أن نتنبه إلى الحقيقة الفعلية التي نعيش لحظاتها الآن، والتي تثبت أن هناك انفصام كبير بين السلوكيات المجتمعية الفعلية التي يعيشها أبنائنا الطلبة، داخل أسوار المدارس وخارجها، وبين المناهج التعليمية التي كانت تطرحها وزارة التربية والتعليم قبل التعديل من جهة، وبين ما يتعلمه أبنائنا في المدارس، ومن خلال الثقافة البيئية التي تغيرت إلى حد كبير كل قيمها، وأصبحت تطغى على كل الوسائل التوعوية الأخرى من جهة ثانية.
       فلم تعد سيرة الصحابة مثالنا في الحياة، بقدر ما تعنينا مجاراة المشاهير من فنانين ورياضيين في لباسهم وسلوكياتهم، ولم تعد المصطلحات العربية مهمة في تنمية معارفنا، وبديلها من اللغة الانجليزية يؤدي الغرض ويجري على الألسن، ورمزية الحجاب لم تعد عنوانا للالتزام الديني والأخلاقي، في ظل انتشار ظاهرة ارتداء الحجاب على الملابس الضيقة، ولا يرمز عدم ارتداء الحجاب اليوم إلى الانحلال الأخلاقي أو الديني، بقدر ما تعبر مثل هذه الظواهر عن فوضى ثقافية، وتغير في قيم وسلوكيات وضوابط الحياة المجتمعية، وهذه فقط أمثلة بسيطة على ذلك.

     ولم تعد المدرسة المصدر المهم في إكساب الطالب القيم الدينية والأخلاقية، بقدر ما تسهم في ذلك البيئة التي يعيش فيها أبنائنا الطلبة، وخصوصاً في ظل تطور وانتشار وسائل الاتصال والحصول على المعلومات، والتي في تنوعها أصبحت تجذب الطلبة ـــــ وقبلهم جيل الآباء في هذه الأيام ــ لانتهاج الطريقة التي يريدونها لتنمية معارفهم وخبراتهم كل حسب اهتماماته، وهنا أصبحت عقدة الاعتراف التي يجب أن نقر بها، لكي نتجاوز أزمتنا الحقيقية مع الثقافة، فالاهتمامات التي نوليها لنوع المعلومة التي نريد اكتسابها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وما يلحق بها من وسائل اتصال ومعلومات أخرى، هي في الحقيقة التي ستنعكس فعلياً على المجتمع، وتصبح ثقافته السائدة شئنا ذلك أم أبينا، ومن هنا ندرك حقيقة أننا تغيرنا في ثقافتنا وسلوكياتنا ومعارفنا، قبل أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتغيير المناهج، التي جاء تغييرها إسقاطاً للواقع الفعلي على الحال الذي نعيشه، بطريقة معاكسة للقيم الموروثة والمكتسبة، مما أسهم في صدور ردة فعل كبيرة منا، هروباً من الاعتراف بالوضع الحقيقي الذي نعيشه.

28‏/08‏/2016

لباس السويل

     تعلق في الذاكرة الأردنية منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي صورة الجندي بزيه العسكري، ورافق هذا الزي منتسبي القوات المسلحة والأمن العام وقوات البادية في كل مناسباتهم الخاصة والعامة.
     وكان من المستغرب في تلك الفترة رؤية أي جندي أو منتسب للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية بغير اللباس العسكري، وكان يطلق على اللباس المدني في ذلك الوقت اسم لباس (السويل) وهذه الكلمة جاءت أصلاً من الكلمة الانجليزية ( civil ) ونحتت باللهجة الأردنية لتكون (سويل).
     وان كانت تلك الفترة والظروف الأمنية والسياسية فيها ما يبرر التقيد والالتزام الدائم بارتداء الزي العسكري، فإن الظروف والواقع المعاصر اليوم يسير في اتجاه التمسك بالزي المدني لكثير من الأجهزة العسكرية، التي لها علاقة وتماس مباشر في تقديم خدمات مجتمعية للمواطنين.
     فلا مبرر اليوم لأداء الأطباء والممرضين لواجبهم في المستشفيات والعيادات الطبية العسكرية بالزي العسكري، بل إن الزي المدني الموحد لكل من يعمل في الخدمات الطبية والخدمات الصحية يجب أن يقدم ويكون له الأولوية والأفضلية. كما أن الزي العسكري للمدرسين في مدارس الثقافة العسكرية يجب أيضاً أن يكون لباساً مدنياً لا لباساً عسكرياً، وهذا ينطبق أيضاً على مكاتب التعبئة والتجنيد.
     وفي الجانب المتعلق بالأجهزة الأمنية، فما الداعي لإلزام مرتبات مديرية ترخيص المركبات والسواقين باللباس العسكري أثناء تأدية عملهم الرسمي، وما هي الرسالة أو الدلالة التي يمكن أن يحملها اللباس العسكري لمرتبات أمن الحدود والجوازات، ذات التعامل المباشر مع المواطن المدني.
     وحتى في الوظائف ذات الطبيعة المدنية البحتة، انفرط الأمر وأصبح يسير في اتجاه العسكرة لمؤسسات مدنية يقتصر تعاملها المباشر وغير المباشر على تقديم خدماتها للمدنيين من مستثمرين، ومسافرين، وتجار، ومواطنين، كدائرة الجمارك الأردنية.
     فهذه مواقع توجه خدماتها وأعمالها لخدمة المواطن المدني بشكل رئيسي، ولابد أن يكون اللباس السائد لمرتباتها (السويل) لأن هيبة اللباس العسكري لا تعزز تطبيق القانون، ولا تسهم في تنفيذ الأنظمة والتعليمات، وفي ذات الوقت لا تحد من التجاوزات والمخالفات. ثم إن تعامل المواطن بلباقة واحترام عند مراجعته لأي مؤسسة أو دائرة سواءً كانت مدنية أو عسكرية، يمكن أن يكون من غير خوف من اللباس العسكري الذي أصبح اليوم سمة من سمات الحكومات الاستبدادية العسكرية في كثير من دول العالم المتخلف.
     فالتطور الديمقراطي الذي نعيشه في بلادنا يجب أن يواكبه تطور حضاري وتعامل مدني، وترك التعامل بالعقلية العسكرية. ثم إن نجاح مؤسسات عسكرية ومدنية ورقابية تتعامل مع المواطن بزيها المدني (السويل) كمكافحة الفساد، وشرطة الأسرة، ومكافحة المخدرات، والأمن الوقائي، والأمن العسكري، وأجهزة الرقابة في مؤسسة المواصفات والمقاييس، ودوائر الرقابة الصحية، ومراقبي البلديات، يعزز السير في هذا الاتجاه، ويدحض نظرية العسكرة التي لازالت قائمة ولازالت تجد من يدعو لها باستمرار.

     فالدعوة اليوم لكل المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية التي تتعامل مع المواطن بشكل مباشر في تقديم خدماتها المجتمعية أن تتمدن بتعاملها وزيها، لا أن تبقى تتعامل بالعقلية العسكرية، فالعرفية دفنها الحسين بن طلال طيب الله ثراه، واستبدلها بالديمقراطية، والديمقراطية في بلدنا نهج يرعاه الملك عبدالله الثاني حفظه الله، فالدعوة اليوم تسير نحو المدنية والرقي لا نحو الاستبداد والعسكرة.

30‏/05‏/2016

الرأس والجسد

     لم تحفل أي حكومة من الحكومات الأردنية السابقة بالحفاوة التي حفلت بها حكومة النسور من جلالة الملك وهم في قصر الحسينية بعد قبول استقالتها، وأشاد الملك بإمكانيات النسور ودوره في مواجهة الأحداث والصعاب التي عاصرتها المملكة فترة توليه منصب رئاسة الوزراء، وبدا ذلك واضحاً أيضاً في رسالة الملك بقبول استقالة الحكومة حيث أثنى عليه قائلاً " فمنذ أن عهدنا إليك بمسؤولية تشكيل الحكومة قبل ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف، وفي مرحلة تاريخية غير مسبوقة من التحديات والصعوبات والغموض الذي اكتنف بما يسمى "بالربيع العربيِ"، وأنا أراقب عن كثب وبعين الرضا والتقدير، أداءكم وأداء زملائكم الوزراء الذين شاركوك تحمل المسؤولية طيلة السنوات الماضية. فكان تصديكم للتحديات والظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تركت آثارها على الوطن، تحكمه العقلانية والواقعية، وكانت مثابرتكم على العمل والمتابعة لا تعرف الملل والكلل، بما يرضي الله عز وجل، ويحمي الوطن الأغلى والمواطن الأعز من هول الأحداث وقسوة الواقع، كلها ضمن توجيهاتنا التي حملتها، يوما بعد يوم، بكل شجاعة واقتدار"
     وحتى نص استقالة حكومة النسور جاءت فياضة بمشاعر الامتنان والتأكيد على دورها في صناعة مستقبل البلاد حيث يقول فيها النسور "فإذا قيض الله للمنطقة السلام، فإني واثق أن البنية التشريعية والاقتصادية والخدمية جاهزة لانطلاقة كبيرة نحو ما تحلم به يا صاحب الجلالة من إنجازات" .

     وفي مقابل هذه المشاعر الجياشة، انطلقت التغريدات والخواطر والتعليقات والتندرات على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس فرحة الشارع الأردني بالخلاص من حكومة النسور، والتي وصفت بأنها حكومة الرفع، والحكومة الأكثر استهدافاً لجيوب المواطنين، وفي عهدها أيضاً زادت مديونية الدولة عما كانت عليه، فلم يلمس المواطن من خير وفضل حكومة النسور ما لمسته السلطة في الدولة التي تحتفل بمئوية نهضتها وبعيد استقلالها.

08‏/05‏/2016

العودة إلى تحت القبة

       بعد إقرار مجلس النواب للتعديلات التي طالت بعض القوانين التي تأثرت بالتعديلات الدستورية الأخيرة، لم يبقى أي حاجة تشريعية ملحة لبقاء مجلس النواب. وبذلك فان احتمال التمديد لمجلس النواب لدورة قادمة لم تعد تشكل ضرورة، وبذا فإن المجلس أطلق آخر رصاصة في سلاحه.
     فهذا المجلس لم يزد على ما سبقه من المجالس النيابية السابقة إلا بأنه كان اقرب للوفاق الحكومي التام، وكان مجلس شرعنه للقوانين الحكومية، ولم يكن مجلساً تشريعياً بالمعنى السياسي المأمول منه.
      واستطاع هذا المجلس أن يسهم في تمثيل الشعب تمثيلاً سلبياً، حيث اقر تعديلات دستورية فُرضت عليه كما فُرضت على الحكومة، مؤداها التراجع الصريح عن انجازات كبيرة حسبت للمجلس النيابي السابق، والتي رافقت أكبر احتجاجات شهدتها الساحة السياسية الأردنية في العقدين الأخيرين.
     إذاً لم يعد هناك متسع سياسي لمجلس النواب الحالي، الذي أدى الدور المطلوب منه بكل آذان صاغية لما يقال له، وسلوكيات قويمة لتنفيذ ما يطلب منه، وخرج من المعترك السياسي بانتهاء مدته القانونية، وفقاً لنصوص الدستور الذي تمكن من حمايته طيلة فترة انعقاده – واعجباه ــ، بل وأسهم في تقديم الدستور قرباناً عندما اقتضت الحاجة لذلك.

    فأصحاب السعادة الآن تتمثل مشاريعهم ومساعيهم المستقبلية في العودة الى قرع أبواب قواعدهم الانتخابية من جديد، في رحلة العودة إلى ( تحت القبة) لتصدع حناجرهم من جديد في إيصال صوت المواطن والحفاظ على مصالحه ومكتسباته، وتشريع ما يحتاج له من قوانين تحافظ على ما بقي له من حقوق وحرية لم تطل يد السلطة السيطرة التامة عليها، والتي بقيت حصراً في خيارات نوع الطعام والشراب ولون اللباس، على أمل ان يعودوا وقد وجدوا مشاريع قوانين بانتظارهم تسمح لنا بحماية حدودنا من مخاطر ما وراء الحدود، ومحاربة من يحارب أصدقائنا وممولين خزانتنا، ونسل سيوف أغمدت وقت حاجتها، ونهتف باسمك يا وطني إلى العلياء في زمنٍ تولى به الملاك كل ناصية، وتخلف الأحرار للمقعد الثاني.

03‏/05‏/2016

التحول إلى الديمقراطية


     إن الخطة التي يتبناها النظام السياسي الأردني في تأسيس قاعدة ديمقراطية، ومحاولته تعميق مشاعر المواطنة الصالحة بين أفراد المجتمع، هي خطة موضوعة للاستهلاك الإعلامي فقط، ولا تحمل نوايا صادقة وحقيقية، لأن الواقع الفعلي المنتهج من قبل الحكومة يسير في اتجاه معاكس تماماً، فكل ما يتم في الواقع هو تكريس سلطة الحاكم، وتعزيز جبهة المواجهة المحتملة مع الرأي العام الشعبي، والتضييق على الأحزاب والجماعات السياسية الفاعلة في المجتمع، وحصارها وتدميرها بمنهجيات وأساليب تختلف عن تلك الأساليب المتبعة في الدول التي انتهجت خط المواجهة المباشرة مع القوى السياسية والشعبية التي ناكفتها.
     فهذا ما يمكن قراءته من التعديلات الدستورية التي أقرت مؤخراً أو تلك التي سبقتها، والتي جرت على المسئولية الدستورية لرئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور وحكومته، فهذه الحكومة التي ورثت تعديلات دستورية عن فترة اتسمت بأنها فترة إصلاحية وان تلك التعديلات كانت مواكبة للرؤية الإصلاحية التي تنتهجها السلطة، وأنها كانت نابعة من إيمان حقيقي بضرورة المضي قدما في تعزيز الخيار الديمقراطي واعتبار أنه الحل للمشاكل السياسية التي تعرقل مسيرة الإصلاح في البلاد، فإذا كانت فعلاً النوايا صادقه فلماذا هذا الانقلاب على المسيرة الإصلاحية التي تسير بتعثر، وتحمل كل صفات الرعاية والولاية الأبوية.

     فهل حقيقة ان الحكومة الأردنية تسعى من خلال التعديلات الدستورية التي مررتها إلى إيجاد أجواء محفزة ومشجعة لتبني الخيار الديمقراطي كما تدعي، أم أنها تمهد لفرض خياراتها وسياساتها التي تريد انتهاجها، والتي تتوافق مع رؤيتها المستقبلية للأحداث التي تعيشها المنطقة، والتي من الممكن أن تكون متعارضة مع القبول الشعبي ومختلف الفعاليات والكيانات السياسية في الدولة. فاحتاطت السلطة بذلك لنفسها من خلال هذه التعديلات بملكية العصا والجزرة، لتفرض سياساتها، وتقمع معارضيها.

21‏/04‏/2016

التعديلات الدستورية

    التعديلات الدستورية الثانية في حكومة عبد الله النسور تؤذن بمزيد من التراجع عن الخطوات الإصلاحية التي عاشتها المملكة بعد أحداث الربيع العربي، والتراجع عن التعديلات الدستورية التي تحققت على مضض.
    فقد قام نظامنا ـ الذكي ـ بكسر جمجمة القوى السياسية وتفتيت قوى المعارضة، سواء كانت قوى شعبية أو حركات إسلامية، ودق إسفين الخلاف والفرقة بينها وبين القاعدة الشعبية، وأصبح يعدل بالدستور على ما يملي عليه هواه ورغباته، ويحاول إقناعنا بأنها تأتي لخدمة مصالح الوطن العليا، وخطوة مهمة للوصول للحكومات البرلمانية.

    وحسبي أننا في الطريق لتطبيق نموذج حكومة تسلطية لم تعد تطبق في أي من دول العالم، ولم تعد تذكر إلا في كتب الفكر السياسي القديم، وبذلك فالمطلوب منا أن نمتدح الحكومات الكرتونية الجديدة، التي ستنعم بها بلادنا في ظل الرؤية الإصلاحية الجديدة في ظل ديمقراطية من نوع خاص تراعي الظروف والمخاطر الأمنية التي تمر بها المنطقة والإقليم (ترنيمة الأمن والأمان).

https://www.youtube.com/watch?v=ZGVJPmremhc&spfreload=5

13‏/04‏/2016

الحمد لله أنهيت مرحلة الماجستير



تعديل النظام الانتخابي


وضع قانون الانتخاب الجديد الذي وعدنا دولة رئيس الوزراء بأن يكون قانوناً عصرياً يلبي طموحات الشعب التواق الى الديمقراطية والإصلاح، وبعد أن مر القانون بكل مراحله الدستورية وأصبح قانونا نافذا، وصدر بموجبه النظام الانتخابي لسنة 2016 والذي سيتم إدارة العملية الانتخابية سنداً لمواده القانونية، إلا أن هذا النظام ولد معاباً، ومن عيوبه ورود خطأ لم يرد في أي نظام انتخابي سابق.
فتعريف عشائر البدو لدوائر البادية الثلاث كان محافظاً على نفس التكوين ولم يتطور وهذه ميزة إيجابية لكون وضع وتقسيمات العشائر الأردنية مستقر وثابت ولم يعد هناك حركة تنقل تستدعي إعادة ترتيب وتقسيم العشائر. ومع ذلك فإن التغيير الذي حصل في النظام الانتخابي الجديد يحمل على أنه خطأ وليس تطوراً حتى يكون عرضة للنقد سواء كان نقد إيجابي أو نقد سلبي.
ومثل هذا الخطأ في إعداد نظام مهم من أنظمة وضعت أصلاً لتكون أنظمة إصلاح يعتبر تقصير مشين ممن يقف موقف المسؤولية لوضع هذا النظام وصياغته صياغة نهائية.
ولا شك أن الإجراء القانوني في مثل هذه الحالة تستوجب إصدار نظام معدل لنظام الانتخاب ليتم تصويب الوضع. فمجرد عدم ذكر اسم عشيرة واحدة من عشائر بدو الجنوب أو الوسط أو الشمال يعتبر سبب ملزم للحكومة لتعمل على تعديل النظام. والحالة الخاصة التي أشير إليها هنا هي إسقاط اسم عشيرة العثامنة من تعداد عشائر بدو الجنوب في النظام الانتخابي لسنة 2016. فنحن بانتظار تعديل النظام الانتخابي دولة الرئيس. ولتنظر دولتك فيما إذا كان يطالب بتعديله أيضاً سوانا.

عمر قد مان

لاشك أن العنوان كتب بطريقة خاطئة، ولكن هذا الخطأ يحتمل أيضاً الصواب، فالسيد عمر الذي لم يتجاوز في تقديري الثانية عشرة من عمره، نموذج طيب لشخص يقوم في عمل قد يكون أكبر من عمره، ولكن التحلي بالأخلاق والصفات الحسنة موهبة من الله.
فالسيد عمر حاله كحال كثير من الشباب والفتيان الذين يتواجدون على جانب طريق العقبة الواصل بين مجمع سيارات الشحن في الراشدية، وحتى نهاية طريق المطار في القويرة، بقصد بيع (البندورة والبطاطا) التي تنتجها المزارع في تلك المنطقة، إلا أن ما يميز السيد عمر عن الباعة الآخرين، صفتان:
الأولى الصراحة المباشرة، وبدون الحاجة إلى المواربة والمجادلة، التي يعتقد كل من أراد أن يكون تاجراً أو بائعاً أنها من أساسيات التعامل، فيبدأ يطلب سعراً يكون قابلاً للتفاوض حتى يصل إلى السعر الحقيقي الذي يريده أصلاً، قاصداً من ذلك أنه يستغلك إن قبلت وإن لم ترضى به يبدأ يتجاوب معك في تخفيض السعر،
أما السيد عمر عندما تقف عنده وتسأله عن ثمن سلعته، يجيب مباشرة بالسعر النهائي، ولا يدع مجالاً للتفاوض، لأنك عندما تسمعه تستشعر الصدق والأمانة في كلامه.
والصفة الثانية، لطافة وأدب في الحديث، مع ابتسامة تشعر من يراها أنها فعلاً صادقة، رغم قسوة المنطقة التي لا تعرف أجواؤها اعتدال فإما أن تكون حارة، أو مغبرة، وتفرض على الوجوه أن ترتسم برسم العبوس، وخشونة العيش في ذلك المكان حالة طبيعية مستمدة من قسوة البيئة، ومع كل هذا ترى السيد عمر باسماً بشوشا.(رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى).
من هنا أرى أن عمر الذي ينتسب لعشيرة (القدمان) رجلاً جيداً، يستحق الإشادة به، لأن أخلاقه كريمة وطباعه حسنة، وسلوكه صحيح، ليت كل التجار والباعة على مثل ما هو عليه، من خلق وأدب ولطافة وسماحة وجه.

إستراتيجية الدفاع الأردنية الجديدة


     تشغل إستراتيجية الدفاع الأردنية الأهمية الكبرى في السياسة الأردنية، وهذا أمر ليس بالجديد، ففي عهد الملك عبدالله الأول ابن الحسين، كان محور الاهتمام يقوم على استيعاب إسرائيل في المنطقة والمحافظة على الأراضي التي تحت السيطرة العربية، وتغيرت هذه الإستراتيجية لعدم القدرة على تحقيقها، وفي عهد الملك حسين تحولت الاهتمامات الإستراتيجية الدفاعية، لتشكيل خط دفاع من أهالي التجمعات السكانية، المحاذية للمناطق المحتلة من قبل إسرائيل، والذين يمكنهم الدفاع عن مناطقهم كقوة رديفة للجيش، في حال تم تدريبهم وتجهيزهم بالمعدات والمهمات العسكرية المطلوبة، وهذه الإستراتيجية الدفاعية كانت العنوان البارز في الخلافات بين الملك حسين، وقائد الجيش كلوب باشا، والذي استغنى الملك عن خدماته لاحقا بسبب معارضته لها وعدم قناعته بها.
     أما في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، فكانت الإستراتيجية الدفاعية قبل تطور الأحداث في كل من سوريا والعراق وتمدد الدولة الإسلامية السريع في كلا البلدين، واقتراب خطرها من الحدود الأردنية الشرقية والشمالية الشرقية، تعتمد على القوة العسكرية والأمنية في البلاد، ممثلة بالجيش وقوات الأمن والدرك لحفظ الأمن الداخلي، في ظل استقرار سياسي تعيشه البلاد، بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، إضافة إلى ارتباط الأردن بتحالفات دولية، توفر للأردن ضمان الاستقرار والمساعدة في حال تعرض البلاد لأي ظروف استثنائية قد تمر بها البلاد، ورتبت على الأردن أن يكون شريكا في أي تحالف تقوده الولايات المتحدة، يمكن أن يكون فيه تحقيق لمصالح البلدين. 
     ونظرا للتطور في الإمكانيات العسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية، وتوسعها الكبير في كل من العراق وسوريا، وتنامي خطرها على الأردن، قرر الأردن اتخاذ إستراتيجية دفاعية جديدة، تقوم على منطق الهجوم بدل الدفاع، فدخل في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية، ومع بدايات العمليات العسكرية للتحالف ضد الدولة الإسلامية، والذي اقتصر على توجيه الضربات الجوية، سقطت طائرة أردنية في الرقة السورية وتم اسر طيارها، حيث شكل حرقه من قبل تنظيم الدولة الإسلامية كعملية انتقامية، صدمة كبيرة للأردنيين خصوصا، والفعاليات العالمية عموما، وزادت من إصرار القيادة الأردنية على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن بإستراتيجية جديدة، نظرا لمحدودية الآثار المترتبة على التنظيم من خلال الضربات الجوية، والتي يمكن استقراء ابرز معالمها الرئيسية على الشكل التالي:
أولا: مع الأخذ بعين الاعتبار للمنطقة الجغرافية التي تربط الأردن بكل من سوريا والعراق، والتي باتت تخضع لسيطرة الدولة الإسلامية تقريباً، فهذه المنطقة صحراوية مكشوفة لا يمكن أن يتم التسلل منها على شكل مجموعات كبيرة، أو أرتال عسكرية بدون اكتشافها من قبل الدولة الإسلامية، في حال تنظيم أي عملية إمداد عسكري من الأردن، لسكان تلك المناطق من السنة، والذين يقاومون وجود الدولة الإسلامية في مناطقهم، أو الوقوف إلى جانبهم في مواجهات عسكرية برية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. 
ثانيا: التجمعات السكانية الأردنية المواجهة للحدود العراقية والسورية، هي تجمعات عشائرية تربطها علاقات قربى في كثير من الأحيان، بالإضافة لعلاقات المصاهرة مع العشائر التي تقابلها في الطرف الآخر من الحدود.
ثالثا: تشكل معرفة أفراد العشائر الأردنيين في المنطقة الشمالية بالطرق غير الرسمية، والتي كانت تستخدم سابقا في عمليات التهريب بين الأردن وكل من العراق وسوريا، وسيلة يمكن الاستفادة منها في تزويد العشائر السورية والعراقية بالأسلحة، من خلال عمليات فردية يمكن إخضاعها لرقابة الأجهزة الأمنية الأردنية، لضمان وصولها للعشائر السنية العراقية والسورية، بدون وقوعها في أيدي جنود الدولة الإسلامية، وضمان عدم تسريب أي كمية من هذه الأسلحة أو الذخائر للداخل الأردني.
رابعا: تجاوز ضعف الإمكانيات الاقتصادية الأردنية في تقديم السلاح والعتاد للعشائر السنية العراقية والسورية، بحيث يكون مهمة الأردن توفير خط إمداد وتزويد والإشراف المباشر عليه، بعد السماح بدخول الأسلحة والذخائر لأراضيه لهذه الغاية من مصادرها المختلفة، وإدخالها بتنسيق مسبق مع الأجهزة المختصة.
    تشكل هذه الأركان الأربعة إستراتيجية دفاعية جديدة توفر للأردن عددا من الأهداف، من أهمها: تجنيب الأردن إرسال قوات عسكرية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، لأن مهمة مواجهة الدولة الإسلامية عسكريا ستوكل للعشائر السنية في كل من العراق وسوريا، بعد إمدادهم بالأسلحة والذخائر عن طريق الأردن، كما ستساهم هذه الإستراتيجية في الحد من المد الشيعي لمناطق غرب العراق، من خلال إرسال قوات الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، ومن ثم سيطرتها على مناطق العشائر السنية غرب العراق، كما ستسهم هذه الإستراتيجية في تعزيز ولاء العشائر الأردنية للنظام الأردني في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، على اعتبار أنه واجب وطني وموقف موحد للأردنيين، كما ستؤدي هذه الإستراتيجية لعرقلة تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق السنة في غرب العراق وشرق سوريا، إن نجحت جهود توفير وإرسال السلاح والعتاد.