14‏/12‏/2014

النظرية السياسية في الإسلام


     توجد العديد من الدراسات التي تحدثت عن النظرية السياسية في الإسلام وحددت أركان رئيسية تقوم عليها هذه النظريات، ومن هذه الدراسات دراسة (الشيخ أبي الأعلى المودودي) حيث نظر إلى الإسلام على انه نظام جامع محكم أسس على مبادئ حكيمة متقنه تترابط فيه أركانه الكبيرة المهمة مع الجزئيات الصغيرة الدقيقة ترابط منطقي.

     حيث أسست النظرية على توحيد الله U توحيداً خالصاً ورأى أن الإنسان لا يمكنه العيش دون أن يتخذ له إلهاً وربا، وانه إذا لم يرتضي الله U رباً فسيتسلط عليه جنود مجندة من الأرباب والآلهة الباطلة، لذلك كانت حكمة الله U بإرسال الرسل حتى لا يكون أحداً من البشر عبداً لأحد بل يكونوا جميعاً عبيداً لله تعالى وحدة.

     وبعد مبدأ التوحيد يتطرق لمبدأ التشريع وهو اقتضاء أن يكون التشريع والحكم لله U وحده وذلك لأنه خص التشريع لنفسه لكي لا يكون وسيلة للاعتداء والظلم بين الناس لقصد سلب الناس حريتهم الفطرية.

     ثم يتحدث عن مبدأ العدل والذي يرى انه مرتكز على إحقاق العدالة الاجتماعية، وغايتها النهي عن جميع أنواع المنكرات التي ندد بها الله U واجتثاث الشر وترويج الخير.

رابعا: يتحدث عن مبدأ الفكرية ويقصد به أن الدولة الإسلامية لا يتولى أمرها إلا من يؤمن بفكرتها ويجعلها غاية حياته ومحط نظره، وقيامها على هذا المبدأ يعني انه لا اثر للعامل الجغرافي أو القومي في الانتساب لهذه الدولة.

خامسا: موضوع الخلافة فهو يرى أن الحاكم الحقيقي في الإسلام هو الله U وحده ويرى أن كل من يقوم بالحكم في الأرض تحت الدستور الإسلامي فهو خليفة، ويكون اختيار الخليفة وفق المنهج الإسلامي بحيث يتضمن مايلي:

-       يكون انتخاب الخليفة على أساس قول الله U: )إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ( (سورة الحجرات: 13).

-       الأمير الإسلامي ليس له فضل على جمهور المسلمين في نظر القانون.

-       الأمير محتوم عليه بالمشاورة في أمور المسلمين.

-       للأمير الحق في أن يوافق الأقلية أو الأغلبية في رأيها وكذلك له أن يخالفهم ويقضي برأيه حسب ما تقتضي مصلحة الأمة من غير مخالفة للشرع، ومع ذلك يجب على جمهور المسلمين مراقبة الأمير مراقبة شديدة فإذا رأوا انه يخالف الشرع في حكمه لهم أن يعزلوه ويخلعوه من منصبه.

سادساً: لا ينتخب للإمارة أو أي عمل أو أي منصب من طلبها.

سابعا: لا يمكن أن نقسم أهل الشورى في جماعات وأحزاب بل يجب أن يبدي كل منهم رأيه بالحق بصفة فردية.

ثامنا: أن مجالس القضاء والحكم في الإسلام خارجة عن صور الهيئات التنفيذية تماما.

02‏/11‏/2014

التجارة بالفضائح


     تعد سمعة الشخص من أثمن ما يهمه الحفاظ عليه، وتلحق بها أيضا سمعة العائلة، فالأردنيين خاصة، والعرب عامة، يولون السمعة الشخصية درجة عالية من الأهمية، ولا احد يقبل أن يداس له طرف يساء به لسمعته، ولا يقبل أن تشوبها شائبة، وهذا أمر أيضا له أصل في ديننا الحنيف، فقد رتب الشرع حداً للقذف، ونهى عن الافتراء، وحذر من البهتان، وحرم الغيبة.

     واشد ما يؤسف هذه الأيام، أن ترى وسائل الإعلام تتصدر موضوعاتها ونشراتها، القصص والأحاديث التي تتحدث عن الجرائم، وخلفيات الجرائم التي تحدث في المجتمع، ويأخذ الكتاب بالتطرق لأكثر التفاصيل سرية، وأبعدها غورا في الأنفس، حتى أن بعض القراءات في التفاصيل لبعض الكتاب، لم تخطر في خلد من ارتكب الجريمة، ويحملوه وزرها مع الوزر الذي ارتكبه.

ففي العشرة أيام الأخيرة، لم تغادر صفحات المواقع الالكترونية قصة الأم والابن اللذان فارقا الحياة بعد تناول وجبة طعام، وأخذت الصحافة تحلل، واخذ المحققون يترددون، وأخذت الاتهامات تتسع، فمن تقصير مؤسسة إلى تستر على جريمة، إلى تعمد إخفاء الحقائق.

     وقبل أن تحول النار إلى رماد، حتى ثارت قصة الأم التي قتلت أبنائها في جريمة بشعة، وذهبت الأقلام تتسابق في تقطيع فقرات الحديث عن فساد الأب، وهستيريا الأم، ونقلوا الخبر عمن نجا من يد الموت من العائلة المنكوبة.

     واستلهم وجدان أبطال إعلامنا الحديث عن الجرائم، وذهبوا ينقلون لنا أخبار الجرائم في بلاد الله، فتلك عروس تقع ضحية الاغتصاب ليلة زفافها، ويكون حض زوجها في تلك الليلة الموت مكلوما، أو قل حتى تكتمل أركان الجريمة مطعونا أو مخنوقا.

     تبكي الصحافة اليوم أقلام كتابها، كما تبكي السياسة روادها، ويلتم شمل الباكيات بنواح الاقتصاد، وطفرة عمت جيوب الراشدين، وخوت منها خِزانات أموال الدول، فأصبحت بلاد العرب تبحث عن فرسان أحلامها، وترتجي قدومهم، ولو كانوا من أهل العمائم، سود البيارق، ليخلصوها من شرور الطغاة، وسطوة المستبدين، والسارحين بأحلامهم فوق السحاب، والقائدين لزمام أمورهم بعصا في طرفها جزرة.

19‏/10‏/2014

المقاعد المدرسية


     لم تكن الحكومات الأردنية على مر تاريخها بالقوة التي كانت عليها زمن حكومة عبدالله النسور، وهذا من باب التجني على الحكومات السابقة، وعلى النسور في نفس الوقت، فالرجل الحكيم أشيب الرأس، هادئ الطباع، لين الحديث، يستطيع بهمساته الهادئة إخراج الأردن من الانهيار المالي على حساب فقراء البلاد، بدون أن يسقط به كرسي الوزارة، متكلاً على الله وعلى الهمة الشخصية والكاريزمية الخاصة التي يتمتع بها، ففريقه الاقتصادي لم تتسع له حافلة الوزارة عند تشكيلها، فتركه دولته وشق غمار الساحة الاقتصادية بدونه، واتخذ من القرارات الاقتصادية انفعها لديمومة الجلوس على الكرسي الدوار على الدوار الرابع، فالمكاسب تعظم بزيادة المخاطرة، وتسلح دولته بوزير خارجية لا يتلقى التعليمات منه، وبوزير داخلية أفكاره ومعتقداته عسكرية، وتسيطر نزعة القيادة على قراراته ولا يرى نفسه مرؤوس، ورغم الملاحظات على عدم الانسجام بين هذه الكراسي الثلاثة، إلا أن دولته لا يستشعر بأي خطر من أي فرد من أفراد فريقه الوزاري، ولا يشكل أي منهم مصدر تهديد على كرسيه في الوقت الراهن.

     كما ويعمل دولة الرئيس في أجواء سياسية يسيطر عليها الحذر والترقب، فالاضطرابات الخارجية التي تعاني منها دول الجوار، أشغلت الأردنيين وصرفت انتباههم عن الحكومة، وسياساتها، ومصير البلاد، وانكفئوا إلى التركيز على توفير متطلبات المعاش، وتحمل قرارات الحكومة كيفما كانت، ومجلس نواب ليس أكثر من ماكياج لسلطة مستبدة، ومستشار لا يشار، همه الصراع على كرسي الرئاسة، واعتلاء كراسي رئاسة اللجان في المجلس النيابي.

     وإذا كان دولة النسور يسحر النواب في بيانه، فقد ولدت وزارته شبيها له، وهو معالي وزير التربية والتعليم، هذا الرجل الذي أشبعنا تنظيرا بالمثالية، والتغني بالخدمات التي تقدمها الوزارة لخدمة العملية التعليمية، وبالجهود العظيمة المبذولة للرقي بالعملية التعليمية في البلاد، وانه سيصحح مسار التعليم، وابتدأ معالي الوزير بالمرحلة النهائية من مخرجات وزارته التعليمية، وراقب امتحانات التوجيهي لدرجة أثبتت انتكاسة القطاع التعليمي، في كل البلاد للسنوات السابقة بالدليل والبرهان، وصفقنا لمعالي الوزير وفرحنا بان جاء للوزارة من يعيد لها اعتبارها، حتى صدمنا بحادثة ما كان لها أن تحدث في زمن التنظير، وكبوة ما كان ليكبوها معالي وزير التربية والتعليم، وهي أن بعض طلبتنا الذين يحرص معالي الوزير على تأمين الظروف المناسبة لهم في مدارس وزارته، لا يجدون مقاعد يجلسون عليها في الحصص المدرسية داخل الغرف الصفية، وأنا أتحدث عن مدرسة واحدة فقط، واثبت ذلك بالمشاهدة والكشف الميداني، ولكن ما ينطبق على هذه المدرسة ممكن أن ينطبق على غيرها من المدارس، فأقول لحكومتنا الرشيدة ممثلة بمنظريها وبلغاء الخطابة فيها، أن حل مشكلة المقاعد الدراسية في مدرسة بنات نايفة الثانوية، التابعة لتربية عمان الرابعة، أجدر بالاهتمام من النظر بحل مشاكل التحالف الدولي على داعش، فالحكومة التي تعجز عن تحقيق الاحتياجات الأساسية هي عاجزة عن أن تحقق النجاح، وكثير عليها أن تتغنى بصناعة الأمجاد.

10‏/10‏/2014

محاور تفكيك المقاومة الفلسطينية


     كشف العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، مدى امتعاض الزعامات العربية من موقف القيادات الفلسطينية المقاومة في قطاع غزة وتحديدا حماس، وتمسكها الشديد بسلاحها، وتعتبره خارج نطاق البحث والنقاش، لأي تفاهمات أو مصالحات أو تسويات نهائية، وأكدت أحداث العدوان أيضا على حقيقة أخرى، وهي الدعم المتواصل والكبير لمساعي السلطة الفلسطينية بالسير في طريق مفاوضات سلام مع إسرائيل، مع تجاهل المراوغة الإسرائيلية للدخول في مفاوضات جادة معهم.

     وبعد أن تم التوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجيش الإسرائيلي، والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والدخول في برنامج تفاوضي يخدم قرار وقف إطلاق النار، وعودة الحياة الطبيعية لقطاع غزة، تنشط الجهود الدولية لإعداد الخطط للقضاء على المقاومة الفلسطينية، التي أظهرت قوة وتنظيم عسكري فاق التوقعات الإسرائيلية والدولية، والمحاور التالية من أهم المحاور التي يمكن أن تعتمد عليها إسرائيل والمحور العربي والدولي الذي يقف في صفها في رسم الخطة النهائية لتفكيك المقاومة والقضاء عليها.

أولا، من الممكن أن تعمل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية وبعض أجهزة الاستخبارات العربية على كشف وتتبع خطوط الاتصال القطرية والتركية مع حركة حماس، على اعتبار أن قطر وتركيا من الدول الأكثر تأثيرا وتواصلا مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واكتشاف خطوط الاتصال هذه سيوصل المخابرات الإسرائيلية إلى تحديد أماكن الأشخاص الأكثر أهمية في صناعة القرار وإدارة العمليات العسكرية في قطاع غزة، ويسهل على إسرائيل مهمة استهدافهم.

ثانيا، ستعمل إسرائيل على استخدام وسائل تكنولوجية للكشف عن الأنفاق السرية التي أنشأتها حماس وإعداد خطة دقيقة لتدميرها، وستعمل على إعادة تجنيد عملاء داخل القطاع بعد كشف حماس لعدد كبير من العملاء خلال معركة العصف المأكول.

ثالثا، إسرائيل بدورها أيضا ستراوغ خلال مفاوضات التوصل لوقف دائم لإطلاق النار ولن تترك أي فرصة لفتح ميناء أو مطار في القطاع لأن وجود مطار أو ميناء في غزة سيعني حرية استخدامها من قبل حماس ولن تجدي عمليات المراقبة نفعا حينها لان إمكانيات حماس في وقف الرحلات الجوية لمطار بن غوريون ممكنه جدا وهذا معناه التعامل بالمثل في أي حالة أو مرحلة من مراحل الصراع الإسرائيلي مع المقاومة الفلسطينية في القطاع.

رابعا، ستعمل السعودية والإمارات على إغراق قطر بخلافات خليجية تؤدي إلى تشويه صورتها للضغط عليها لتتخلى عن دعم حركة حماس ماديا ومعنويا، كما ستواصل إسرائيل استخدام إعلامها ونفوذها في الضغط على قطر واظهارها بأنها دولة تدعم الإرهاب من خلال تبنيها مواقف داعمة لحركة حماس والتأثير عليها لتتخلى أيضا عن قادة حماس وعلى رأسهم خالد مشعل، وهذا يفسر خروج بعض القيادات الفلسطينية المحسوبة على حماس من قطر واستقرارها في تركيا.

خامسا، ستعمل مصر من جانبها على تنشيط عملها الاستخباري و تكثيف تواجدها الأمني والعسكري في صحراء سيناء ومناطق الحدود مع قطاع غزة لقطع الطريق على أي محاولات لتهريب الأسلحة أو المعدات الخاصة بصناعة الأسلحة يمكن الاستفادة منها في تعزيز القوة العسكرية في قطاع غزة، وكشف الأنفاق التي تستخدم لربط قطاع غزة بالأراضي المصرية.

سادسا، ستستمر حالة إذكاء الخلافات بين حركة فتح وحركة حماس وتوجيه الاتهامات لحماس بعرقلة مساعي التوصل لأي اتفاق يوحد الصف الفلسطيني، وتحميل حركة حماس المسئولية عن الدمار الذي حصل في قطاع غزة، واستغلال فترة إعادة الإعمار بتأنيب مشاعر السكان في القطاع ضد حركة حماس، واستغلال الحاجات المالية لغايات التصنيع الدفاعي لحماس والتي ستقوم بتأمينه من العائدات الضريبية التي ستفرضها على سكان القطاع، في حال تقليص أو انقطاع الدعم المالي الموجه للحركة من الخارج.

     وهذه المحاور يجب أخذها بالاعتبار من قبل المقاومة الفلسطينية، لتفويت فرصة المساعي الرامية لتفكيك المقاومة الفلسطينية، التي تعتبر آخر الحصون العربية وقوفا بوجه العدو الإسرائيلي، بعد أن احتوت إسرائيل الأنظمة العربية الأخرى.

27‏/09‏/2014

نظرية الفخ


     يرى السادة نواب المجلس السابع عشر، أنهم وقعوا في فخ نصب لهم بعناية من قبل الحكومة، حين دفعت بقانون التقاعد للمجلس، دون أن تشعرهم بأي معلومات قد تكون توفرت لديهم عن معارضة شعبية لهذا القانون، والتي انفجرت بسرعة كبيرة وفور إقرار مجلس النواب والأعيان للقانون، وقامت الصحافة والمنابر والفعاليات الشعبية منتقدة هذا القانون، ووجهت خطابها لجلالة الملك لرد القانون، ومراعاة الحالة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

     ويبدوا أن شبهة الفخ وان لم يصرح بذلك احد من السادة النواب، أتت من أن طرح الحكومة للقانون التقاعد بعد أن صوت السادة النواب على التعديلات الدستورية، التي حصرت تعيين رئيس الأركان ومدير الأمن العام بجلالة الملك، رغم أن الأصوات الشعبية تعالت مطالبة من السادة النواب باعتراض هذه التعديلات وعدم إقرارها، إلا أن آذان السادة النواب كانت لا تسمع تلك الأصوات، وغالبا هذا حالها، فالمشكلة التي يعاني منها مجلس النواب والحكومة في بلادنا، أنهم في وادي والشعب في وادي آخر، فكانت توقعات السادة النواب بأن تمرير التعديلات الدستورية، سيكافئ بتمرير قانون التقاعد.

     وعمليا لا يمكن للشعب أن يثق بالحكومة، أو بباقي مؤسسات الدولة، طالما أن خططها وأفكارها وحلولها لا تأخذ من المصلحة الشعبية قاعدة تؤسس عليها خططها وبرامجها، فالحكومة أصرت على عدم الرضوخ لمطالب الشعبية، بإجراء تعديلات دستورية حقيقية، تؤسس لديمقراطية فاعلة في البلاد، ولكن لا تتوانى الحكومة عن تقديم المشاريع القانونية التي تؤسس للتسلط، وترفض الحكومة مطالب نقابة المعلمين بحجة الأوضاع المالية، ونفس الباب كان مفتوحا من الحكومة لمطالب السادة النواب.

     أما مجلس النواب، والذي يعد صوت الشعب ونائبة أمام السلطة التنفيذية، التي لا يجب أن تخطو خطوة إلا بأذنه، لم نسمع له صوتا، أو نحس له همسا، أو نرى له موقف، حيال المشاركة الأردنية بالحلف الأمريكي الدولي على داعش، فأمريكا قائدة الحلف لم ترسل قواتها إلا بعد إذن الكونجرس الأمريكي، ونفس الشيء لباقي دول الحلف، أما نحن فلا، نعم نرفض ايديلوجية تنظيم داعش ونرفض سياساته، ونرفض إتاحة الفرصة لتكوين حاضنه له في الأردن، لكن هذا لا يبرر إقحام الجيش الأردني في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، والتسبب في تعريض البلاد لمخاطر هو في غنا عنها، ثم الم تكن التعديلات الدستورية الأخيرة تنص على أن مهام القوات المسلحة تنحصر في الدفاع عن الوطن وسلامته، أم تأخذ الحكومة من الدستور ما تريد وتعطل ما تريد، فالنواب والشعب باتوا على خبر مشاركة أردنية استخبارية فقط، واستيقظوا على خبر مشاركة عسكرية لطائرات سلاح الجو في الغارات الجوية على داعش.

     وأخيرا أقول إن مقولة النواب أنهم وقعوا في فخ غير صحيحة، بل الصحيح أنهم كانوا مضحكة للحكومة، وأضحوكة للشعب، وهي كلمات مرادفة لكلمة فخ من بعيد لبعيد.

20‏/09‏/2014

مشكلتنا البطالة وليست داعش


     تتزايد اهتمامات حكومتنا الرشيدة بقضية داعش، ومخاطرها المحتملة على الأردن، رغم أن التواجد الداعشي خارج الحدود، وفرص تخطيهم لحدود المملكة تكاد تكون بنسب صفرية، فالأردن ليس بالمطمع لا لداعش، ولا حتى لمن هم أسوأ من داعش.

     ونرى أن اهتمام الحكومة بكل أركانها ومراكز قوتها، يجب أن يوجه لحل مشاكلنا الداخلية، والتي تعد اكبر خطرا على المجتمع من الداعشية الحديثة، فالبطالة في صفوف الأردنيين بحاجة لجهود حقيقية للتصدي لها، فما تكاد منطقة من مناطق الأردن إلا ولها معاناة مع العاطلين عن العمل، وهنا لا نريد أن نحصر الأمراض الاجتماعية ونختصرها بالبطالة، وإنما أريد أن أبين أن المعالجة السطحية لهذه المشكلة لم توصلنا إلى حلول بالمستوى المطلوب، الذي يتناسب مع خطر هذه المشكلة، وأهمية التصدي لها.

     ولنسقط الحدث على البادية الجنوبية، وبعدها يمكن القياس على باقي مناطق المملكة، فالحال إلى حد كبير متطابق، فالحكومة الرشيدة تتوجه لحل مشكلة البطالة في البادية الجنوبية، من خلال فتح باب التجنيد العسكري لأبناء البادية، وهذا أمر رغم كونه إجراء محمود، وله إسهام كبير في تخفيف عبء البطالة بين صفوف أبناء البادية، إلا أن هناك مشكلة لم تتمكن الحكومة تخطيها من خلال هذا الإجراء، وهي أن هناك شريحة من المجتمع لا تتناسب معها الخدمة العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى هناك شريحة لا يمكن للجهات العسكرية استيعابه، مثل العاطلون عن العمل للفئة العمرية التي تزيد عن 27 سنة، أو للأشخاص الذين بحقهم قيود أمنيه، أو للأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، أو للسيدات الراغبات بالعمل، أو للأشخاص الذين فاتتهم فرصة التحصيل العلمي، أو لظروف شخصية أخرى تتعلق بهم.

     وإذا أردنا هنا أن نميز حالة أبناء البادية الجنوبية عن غيرها من مناطق المملكة، فذلك يعود لعدة أسباب منها، ضعف الحركة التجارية في البادية الجنوبية مترامية الأطراف، بسبب تدني مستوى الدخل للأسر، مما اضعف فرصة الانخراط في الأعمال التجارية الخاصة، والمشاريع الصغيرة لأبناء البادية.

     ومن الأسباب الأخرى أيضا، ضعف الاستثمار في مناطق البادية الجنوبية، سوى ما كان من شركة مناجم الفوسفات، والشركات التي تدور في فلكها لصناعة الحوامض الكيماوية، ومصنع الاسمنت، وهي شركات تحملت عبء كبير في قدرتها الاستيعابية لعدد الموظفين من كل أنحاء المملكة، ولن تستطيع أن تسهم في حل مشكلة أبناء البادية المتعطلون عن العمل.

    والمطلوب من حكومتنا النظر بهذه القضية، وإيجاد الحلول المناسبة لها، والأخذ بعين الاعتبار للظروف الخاصة لهذه الشريحة من المجتمع، وإعطائها الأولوية التي تستحقها، لان كثيرا ممن يعانون ظروفا اجتماعية متردية، تزداد لديهم دوافع التطرف الذي تَحذر الحكومة منه وتُحذر منه.

18‏/08‏/2014

شر الشر شرعنة التسلط



     يقال أن الدستور الأردني يصنف ضمن مجموعة الدساتير الجامدة التي تتبناها العديد من الدول، وهذا المفهوم معناه أن الدستور لا يتم تعديله بسهولة، وإنما يتطلب أمر التعديل الدستوري قنوات دستورية متعددة، قد تبدأ من جسارة عشرة نواب بطلب تعديل على الدستور، ثم موافقة مجلس النواب، ثم الدفع بالمقترح لرئاسة الوزراء لإجراء المقتضى القانوني، أو أن يقوم مجلس الوزراء بتقديم مشروع تعديل دستوري، ويُعرض على النواب لإقراره، ثم يرسل إلى مجلس الأعيان، ثم للملك كي يصادق عليه، أو يقوم الملك بتشكيل لجنة لتبحث بالتعديلات الدستورية المطلوبة حسب وجهة نظر الأكثرية الشعبية في الظروف الاستثنائية، التي قد تمر بها البلاد.

      وعلى الرغم من تعقيد إجراءات التعديل الدستوري إذا كانت المطالب بالتعديل نابعة من القاعدة، أي أن تكون نتيجة مطالب شعبية، فصراع مرير بين الحراكات الشعبية، والقوى السياسية في البلاد، لإجراء تعديلات دستورية تخدم المصلحة الوطنية، لغايات تفعيل بنود الدستور المجمدة أساسا، والتي تعتبر من ابسط الحقوق السياسية للمواطن الأردني، بحجة أن التعديل المطلوب يمس مساس مباشر بصلاحيات الملك، حسب رأي الفريق المعارض لأي تعديل دستوري يحصن مجلس النواب من الحل، أو يعزز صلاحيات الحكومة وولايتها العامة، الأمر الذي يخشى منه أن يستغل أي تعديل دستوري من هذا القبيل لصالح مشروع توطين الأشقاء الفلسطينيين، وتضييع الحقوق الفلسطينية، والقضاء على حلم إعادة فلسطين وتحريرها، على اعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى التي تتحد الحكومات العربية جميعها على اعتبارها قضيتهم الأولى.

     وعلى الرغم من الإجراءات القانونية المعقدة لتعديل الدستور، نجد أن الرغبة الحكومية في تعديل الدستور لها أبواب أخرى أكثر سهولة ويسر، فالأمر لا يتطلب سوى استئذان دولة الرئيس بان يجري بعض التعديلات الدستورية، لتكون في صبيحة اليوم التالي تحت أقلام معالي الوزراء، ليوقعوا على مشروع التعديل، ويدعى مجلس النواب للانعقاد بدورة استثنائية، ليبارك هذا المشروع ويقره، وحتما وبما أن هذا التعديل الدستوري المفاجئ جاء بالرغبة، فلن يتم إقراره حكما بمضي المدة القانونية على رفعه للمصادقة.

     واعتقادي أن هذه الرغبة بالتعديل الدستوري، ستكون آخر رغبات دولة النسور الذي تخندق طويلا بخندق المعارضة، وما أن وصل إلى الدوار الرابع حتى بدا عليه انه ما عارض الحكومة يوما قط، فقد دخل الحكومة مسئولا وهو اليوم مأمورا ومستشارا لا يستشار في الأمن الوطني فما لم يكن في الليالي الظلماء كان على عصر النسور في الأيام المشرقة.

أسرار داعش


     إن الإسراع الدولي في التبرئة من داعش، وإعلانها جماعة إرهابية، يعطي مدلول على أن هذا التنظيم تقف ورائه قوى ذات قدرات اقتصادية كبيرة، وهذا الاستنتاج يمكن الوصول إليه من توفر الأسلحة والذخائر للتنظيم طيلة الفترة التي مارس خلالها نشاطه العسكري، فعمليات التزويد للأسلحة والذخائر تحتاج إلى استراتيجيات مهمة، متعلق جزء كبير منها بالإمكانيات المالية، التي تدفع ثمنا لهذه المواد، وأيضا تكاليف النقل لهذه المواد وتوصيلها للمواقع القتالية، وهي بحاجة أيضا إلى مستودعات وآليات تخزين وإمداد مستمر.

      كما أن هذه الأسلحة والذخائر يستبعد تأمينها بشكل مباشر ووحيد من مستودعات ومخازن الأسلحة، العائدة للجيش السوري والجيش العراقي، لسبب مهم وهو أن المنطقة التي ينتشر بها تنظيم داعش حاليا، والتي تشكل أجزاء من شمال غرب العراق وشرق سوريا، تمثل مناطق أقليات في كل من سوريا والعراق أصلا، وبذلك فهي ليست مناطق ذات خطر على الأمن الوطني لكلا البلدين، حتى يتم تخزين الأسلحة والذخائر في المعسكرات التابعة لهم فيها، خشية أي مواجهات طارئة مع السكان في هذه المناطق.

     وهذا الأمر يؤدي إلى تنامي الشكوك حول آلية تزويد مستمرة للتنظيم بالذخائر والأسلحة من قبل حليف قوي لهذا التنظيم، ومن المؤكد لن يكون هذا الحليف سوى جهاز استخباري دولي، قادر على تقديم الدعم اللوجستي والمادي للتنظيم، ليكون هذا التنظيم قادر على البقاء والصمود، والاستمرار في التحرك العسكري، مع الاحتفاظ بمخزون استراتيجي يسهم في إنجاح المشهد الأخير من مسلسل التظليل على تورط دول بعينها في دعم هذا التنظيم، الذي وجد أصلا ليشوه صورة الجماعات الإسلامية خصوصا.

     ومما يدعو للشك حول هذا التنظيم هو أيضا مكان انتشاره، فالمنطقة التي يبسط التنظيم عليها سيطرته تكاد تكون منطقة خالية من المسلمين العرب السنة، أي انه لم ينشأ في حاضنة سنية تعزز وجوده، وإنما يكتفي في صموده على الأفراد المقاتلين، وعلى التزويد والإمداد العسكري من جهة، وعلى ارتكاب الجرائم بحق الأقليات من جهة أخرى، بل إن المنطقة التي ينتشر بها تنظيم داعش، هي مناطق تقطنها الجماعات الكردية، والأقلية اليزيدية، وبعض الأقليات المسيحية، ووجود تنظيم داعش في تلك المنطقة وتنكيله بهذه الطوائف، يسهم بشكل كبير بخدمة الهدف الأساسي غير المعلن لتنظيم داعش، وهو تشويه صورة الجماعات الجهادية الإسلامية، وهذا الهدف الذي تعمل عليه داعش، يخدم بعض الأنظمة العربية القائمة حاليا، قبل أن يخدم أي دولة خارج منظومة الدول الإسلامية.

      فتشويه صورة الجماعات الإسلامية، سيمكن القيادات العربية التي تقف في وجه الإصلاح السياسي والاقتصادي، من استثمار انخراط داعش بالأعمال الإجرامية، التي تقوم بها لعكس الصورة على باقي الجماعات الإسلامية الإصلاحية، وترهيب المواطن من خطر الإسلام السياسي، والشاهد لديهم هو ما يقوم به أفراد تنظيم داعش الذي يدعي انه التنظيم الذي سيحمي راية الحق والدين.
     فصمود داعش واستمرار تزويدها بالعتاد والأسلحة، وارتكابها لأعمال إجرامية باسم الدين، يخدم فقط أصحاب العروش التي تحارب الإسلام وأهله، وان كانوا يلبسون عباءة الإسلام، ويدعون أنهم هم أنصاره، ورغم الشكوك بأنهم هم أيضا من يقف وراء داعش ويدعمها.

23‏/07‏/2014

النعامة



     يقال أن الصحراء الأردنية كانت مليئة بالنعام، ويذكر لورنس العرب في أعمدة الحكمة السبعة، انه في أثناء رفقته لعودة أبو تاية في صحراء الأردن، تناولوا من ضمن طعامهم بيض النعام المشوي، في دليل يمكن الاعتماد عليه في أن الصحراء الأردنية كانت موطن للنعام.

      ورغم اجتهادات الدكتورة عليا أبو تاية في مطلع الألفية الجديدة، لإعادة النعام للصحراء الأردنية من خلال جمعية البشرى، إلا أن الحظ لم يحالفها، فانقرض النعام من الصحراء الأردنية بشكل تام.

      وعلى الرغم من أن النعام طيب المذاق، إلا أن أكثر ما يؤخذ عنه ويعرف به انه طائر جبان وغبي، يدس رأسه بالتراب إذا أحس الخطر، رغم انه يفوق فصيلة الطيور بكبر الجسم، وعجزه عن الطيران، حاله حال الدجاج.

       وان انقرضت طيور النعام، ولم يعد لها وجود في البلاد، إلا أن النعام كثير، وبأجسام كبيرة، ومنازل كبيرة، وقدر كبير، وان كانت خالفت النعام في شكل أجسادها، لكنها احتفظت بصفاتها، فبقيت عاجزة وقاصرة عن الارتقاء والمواجهة، وتتخذ من المشاغل والسفر، بديل عن التراب تدس به رؤوسها، فطيور الباشق تحوم في السماء، فكيف لطيور النعام أن يسمع لها زمار، في زمن تمطر به السماء على أهل غزة موت وسموم، ولا يسمع تحت أنقاضها إلا الزئير.

20‏/07‏/2014

حمى الله غزة واعز أهلها


     منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وشروع القوات الإسرائيلية بالمناورة العسكرية البرية على أطراف القطاع، في محاولة منها لإثبات قدراتها العسكرية للتصدي لأبطال غزة، وإلحاق أي نوع من أنواع الهزيمة بهم.

     فمن جهة تريد أن تهزم المجاهدين معنويا، بإرهابهم من عواقب التوغل البري في القطاع إن أصروا على موقفهم، واستمروا بإطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية، ومحاولة إثارة مشاعر الغضب تجاههم من المستضعفين من المواطنين، وقادة الدول العربية، الذين يرون أن أبطال المقاومة الفلسطينية جماعات متمردة، تسعى تلك القيادات النائمة في مستنقعات الانقياد للتخلص منهم، وكسر شوكتهم التي بات يُرى أنها أقوى مما توقعوا.

     ومن المؤكد أن الإسرائيليين يسعون خلال حربهم على قطاع غزة لهدم الأنفاق، التي استطاع المجاهدون حفرها، لتكون ممرات آمنه للتزويد والتنقل، يمكن استخدامها في وقت الحرب والسلم وفق طبيعة الظروف المحيطة، ورغم أن التكنولوجيا أداة طيعة في أيدي الإسرائيليين، إلا أنها لا تزال عاجزة أمام إصرار الأبطال المجاهدين في قطاع غزة.

     وإذا استطاع الجيش الإسرائيلي تدمير المساكن على رؤوس الفلسطينيين لرد اعتبار انهزامه وتخبطه أمام الغزيين، وإقناع العالم إعلاميا بأنهم ضحايا تهديد صواريخ الكتائب العسكرية في قطاع غزة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يؤثروا في أبناء القطاع، بتحريض المواطنين في غزة بالسخط على المجاهدين، الذين جعلوا من القطاع رمز الصمود والجهاد الإسلامي، لكل المسلمين والعرب في كل أرجاء الدنيا، فانضمت الشعوب الإسلامية بقلوبها معهم، بعد أن خُذلوا من حكام اسقطوا من مصطلحاتهم النفير العام، وان كان كبريائهم أدنى من أن ترقى له صرخات المستغيثات، فلم نسمع مستغيثة تقول يا (ع) ولا يا (س) فهم اقصر من أن تصل لهم تلك الصرخات.

     ستبقى غزة وان دمرت مساكنها رمز الصمود والكبرياء وتاج الجبين، وسيبقى أبطالها أهل العزة ورمز البطولة، حمى الله غزة واعز أهلها.

14‏/07‏/2014

خذلان القادة لأبطال غزة


      إن الخذلان الذي يواجهه أهل الصمود في غزة من القادة العرب متكرر، بل وان أهل غزة اعتادوا عليه، فالزعامات العربية تتقرب للصهيونية في رمضان، بقبول الاختبار السنوي الإسرائيلي للقدرات القتالية، لأبطال فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، فالمعلوم أن حالة الحرب بين أبطال فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وإسرائيل، هي الحالة السائدة، بعد تخلي مصر عن القضية الفلسطينية باتفاقية سلام، وبناء علاقات سلام وعلاقات مصالح اقتصادية مع إسرائيل، وسارت الأردن على ذلك النهج أيضا.

      ويشكل استعداد وتأهب فصائل المقاومة الفلسطينية الدائم، للمواجهة مع القوات الإسرائيلية، نقطة قوة كبيرة لفصائل المقاومة في القطاع، حيث تعمل هذه الفصائل على تطوير إمكانياتها القتالية، المتمثلة بتطوير صواريخ محلية الصنع، تستطيع أن تصل إلى المناطق السكنية الإسرائيلية، ويعد هذا النجاح بالنسبة لمنطقة محاصرة، من العرب قبل الصهاينة انجاز كبير، واستطاع أن يخلق نوع من الرعب لدى الإسرائيليين، سواء كانوا مواطنين أو صناع قرار.

     وتأتي هذه الحرب الموسمية من قبل الإسرائيليين على قطاع غزة، لاستكشاف التطور في القوة التي تملكها فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع، ومن المؤكد أن آثار الحرب على غزة، لن تكون على مواقع الفصائل الفلسطينية بشكل محدد، بل إنها تتسع لتصل إلى البنية التحتية في القطاع، وتدمير المساكن، وتصل أيضا إلى التأثير النفسي في الأشقاء الفلسطينيين سكان القطاع، و الضفة، وخلق رأي عام عالمي يدين فصائل المقاومة، لصرف توجه فصائل المقاومة عن تطوير وسائل وأدوات المقاومة العسكرية، والانصراف لتأمين الاحتياجات الاقتصادية للمواطنين الفلسطينيين سكان القطاع.

     وإذا كانت حالة الحرب، بين فصائل المقاومة الفلسطينية، والعدو الإسرائيلي، هي الحافز الأكبر في تنمية القدرات العسكرية، لفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع، فان مواقف القادة العرب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعد مرآة حقيقية لاستقلال هؤلاء القادة بقراراتهم، ومدى شجاعتهم في تحمل مسئولياتهم تجاه شعوبهم، حيث لم تزد مواقفهم عن سجع الحناجر حتى الآن.

     فالوقفة المشرفة التي سجلها التاريخ الحديث، وتحسب لقائد عربي مع الأشقاء في غزة، كانت للرئيس المصري محمد مرسي، الذي تمخضت مصر من بعده فولدت السيسي، وليتها ما أنجبت ولدا.

01‏/04‏/2014

05‏/03‏/2014

الصراع الخليجي في الدول العربية المحترقة


     يبدو أن الأوضاع الأمنية المتردية في البحرين، والتحضيرات التي تجري على قدم وساق في مصر، لإيصال السيسي لرأس السلطة، اوجب على كل من السعودية والإمارات والبحرين، التعامل مع قطر بلغة دبلوماسية أكثر صرامة من اللقاءات الودية، واخذ التعهدات الأميرية بالالتزام بالقرارات المتفق عليها منذ ثلاثة أشهر، والتي تقضي في مجملها إلى تخلي قطر عن بعض سياساتها الخارجية، والتي تعتبر ذات اثر سلبي على مصالح باقي دول مجلس التعاون الخليجي من وجهة نظرها، وخصوصا فيما يتعلق بدعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والشكوك السعودية بدعم الحوثيين في اليمن، الأمر الذي يؤثر على امن المملكة العربية السعودية، وقضايا التجنيس التي تتبناها قطر، وتعارضها كل دول الخليج، وخصوصا الإمارات العربية المتحدة.

     ونظرا لكون هذه الملفات التي تتبناها قطر أثقل من أن تتحملها دول مجلس التعاون الخليجي، أو حتى أن تغض الطرف عنها، توجب اتخاذ كل من السعودية والإمارات والبحرين قرار سحب السفراء من قطر، كورقة ضغط على قطر، يسهم في كسر الإرادة القطرية الساعية إلى توجيه الأحداث في المنطقة، ويسهم أيضا بتعزيز موقف السيسي، والذي لا يكاد يعارض وصوله إلى السلطة من كل الزعامات العربية، إلا ما كان من التوجه القطري، الحليف القوي والداعم لخصمه الأساسي وهم جماعة الإخوان المسلمين، ومن يدور في فلكهم.

     وفيما يتعلق بإمكانية أن تقوم كل من الكويت وسلطنة عمان باتخاذ موقف مشابه للموقف السعودي والبحريني والإماراتي، فهو أمر مستبعد، فعُمان غالبا مغيبة عن أحداث المنطقة العربية، أما الكويت، فمن الممكن أن يفيد بقائها خارج الخط الثلاثي، في قيامها بوساطة مصالحة بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى.

     ومن الطريف أن المصالح السعودية والإماراتية تتوافق فيما يخص الأوضاع في مصر بشكلها العام، فالسعودية والإمارات لها مصلحة عظمى بإقصاء الإخوان المسلمين عن الحكم وتسليمه للسيسي، إلا أن هذا الاتفاق ينتقض في الحالة السورية، فالسعودية موقفها داعم للاتجاه المطالب بالإطاحة ببشار الأسد، ولكن الإمارات موقفها يبدو أكثر تحفظا أو قد يكون ميالا بشكل ملحوظ إلى جانب دعم نظام بشار الأسد، وبذلك ينتفي احتمال الشعور بالبعد الإنساني من قبل دول الخليج العربي للشعوب المكتوية بنيران الظلم والتسلط، وتطفو على السطح الحقائق الدالة على أن الصراع صراع مصالح، وتكسير جماجم، يتخذ من الساحات العربية المكتوية بنيران الصراعات الداخلية، بيئة مناسبة لممارسة هذه الدول لعبتها القذرة.  

01‏/03‏/2014

تعريب الجيش والانخراط بالعمل السياسي


     عندما استحضر جلالة المغفور له الملك حسين رحمه الله، بذاكرته قرار تعريب الجيش، في رده على سؤال الصحفي الفرنسي الذي نشر كتاب مهنتي كملك، تحدث عن الجندية، حيث قال: (لقد كانت تقاليد وتاريخ الشعب الأردني تمنح دوما الجندي المقاتل نظاما تفضيليا، وقد كان الانخراط في سلك الجندية عندنا من قديم الزمان، مدعاة للسعادة، كان لرجالي دوما إحساس رفيع بالكرامة والعزة، ولم يستطع جندي في العالم العربي أن يطاول جنود جيشي كبرياء وأنفة.

     ثم ذهب يستعرض بدايات قدوم كلوب باشا (أبو حنيك) للمشرق العربي، وبدايته مذ كان شابا في العراق، ثم انتقاله للأردن، وبين أن الخلاف الذي كان قائما بينه وبين كلوب باشا يقوم على التنافر الكبير بين التطلعات المستقبلية للملك، وتقديره للظروف الاقتصادية، والإمكانيات العسكرية، والبشرية، التي تقيد القرار الأردني، وإصرار الملك على التمسك بحق الرد الفوري على الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المناطق القروية المجاورة لخط التقسيم، وعدم تورع القوات الإسرائيلية من تدمير القرى على رؤوس ساكنيها، وبين المخاوف والمحاذير التي يقلق بشأنها كلوب باشا، ولا يتوانى من إبدائها للملك، ففكرة تراجع الجيش العربي إلى الضفة الشرقية في حال قيام هجوم إسرائيلي كانت ديدنه، كلما أراد الملك القيام برسم معالم خطه دفاعية، أو افتراض حلول إستراتيجية للتصدي للهجمات الإسرائيلية.

     الأمر الذي دعا الملك الراحل بالتفكير جديا لإنهاء خدمات وسيطرة الضباط البريطانيين على الجيش العربي ففي يوم الخميس الأول من آذار عام 1956، اتخذ جلالة المغفور له الملك الحسين قرار تعريب قيادة الجيش، وإعفاء الجنرال كلوب من منصبه، بالإضافة إلى بقية القيادات الانجليزية في الجيش العربي، وتوجه للشعب الأردني بخطاب موجز نصه " أيها الضباط والجنود البواسل ... أحيكم أينما كنتم، وحيثما وجدتم، ضباطاً وحرساً وجنوداً وبعد: فقد رأينا نفعاً لجيشنا وخدمة لبلدنا ووطننا، أن نجري بعضاً من الإجراءات الضرورية في مناصب الجيش، فنفذناها متكلين على الله العلي القدير، ومتوخين مصلحة امتنا وإعلاء كلمتها، وإنني آمل منكم – كما هو عهدي بكم – النظام والطاعة، وأنت أيها الشعب الوفي، هنيئاً لك جيشك المظفر الذي وهب نفسه في سبيل الوطن، ونذر روحه لدفع العاديات عنك، مستمداً من تاريخنا روح التضحية والفداء، ومترسماً نهج الأُلى، في جعل كلمة الله هي العليا، إن ينصركم الله فلا غالب لكم"

     ويصف مشهور حديثة الجازي، والذي كان احد ضباط الجيش العربي آنذاك، قرار التعريب بقوله: (وقد كان التعريب بمثابة انبعاث جديد لمسيرة القوات المسلحة، كما كان شرارة الأمل التي تفجرت في نفوس الضباط الشبان الذين كانوا يتوقون لتحمل المسؤولية، في ظل قيادة عربية، ومنطلقة من سياسة عربية تعمل لصالح الوطن والمصلحة العليا لامتنا).

    واليوم نجد أن الجيش العربي استطاع أن يثبت كفاءته في الدفاع والتصدي عن حمى الأردن، واستطاع أيضا أن يبني سمعة طيبة في كل أنحاء العالم، من خلال المشاركات المتكررة للجيش العربي في قوات حفظ السلام الدولية.

     وأما على الصعيد السياسي المحلي، فبالرغم من أن مرتبات القوات المسلحة ابعد ما تكون عن السياسة أثناء سنوات الخدمة العسكرية، إلا ان الإسهامات التي قدمها الضباط المتقاعدون من الخدمة العسكرية، للوطن في المجال السياسي، تعد خدمات توعوية على جانب كبير من الأهمية، فتيار 36 مثلا والذي يضم بين صفوفه وفي مراكزه القيادية نخبة من كبار الضباط المتقاعدين من الخدمة العسكرية، فقد عزز هذا التيار روح النقد السياسي لدى أفراد المجتمع الأردني، كما إن وجود احد كبار الضباط على رأس الهرم السياسي لحزب التيار الوطني ساعد في إشعال حماسة المتقاعدين العسكريين للمشاركة السياسية، رغم المعارضة لإنشاء حزب خاص يضم فقط المتقاعدين العسكريين، ثم إن ما تم تداوله مؤخرا، من اجتماع ضم عدد من كبار المتقاعدين العسكريين برعاية الفريق المتقاعد عبدالهادي المجالي في منزله، لتدارس الشأن المحلي الأردني، والأبعاد السياسية التي تمر بها المنطقة العربية، وردود الأفعال على الخطاب الملكي بخصوص دحض فكرة الوطن البديل، وما يتعلق بالاقتصاد الوطني من عثرات، آن الأوان لإيجاد حلول سريعة واستراتيجيه فاعلة للتصدي لها، يدل على تولد فكر جديد، يدفع باتجاه مشاركة قوية للضباط المتقاعدين في الحياة السياسية، مع إمكانية اكتساب دعم شعبي قوي لاتجاهاتهم الفكرية السياسية والاقتصادية، فرمي المتقاعدين بتهمة الولاء لغير الأردن، تهمة لا يمكن إلصاقها بهم، بتلك السهولة التي يمكن إلصاقها بالأحزاب السياسية الأخرى، والتي تمارس نشاطها على الساحة الأردنية.