17‏/11‏/2012

بقعة سوداء


     لازال الموقف من قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات عرضة للجدل بين صواب القرار وحتمية اتخاذه، وبين إمكانية الرجوع عنه تحت ضغط الشعب المدفوع بالعفوية من جهة، وبفعل ضغط التيارات السياسية المعارضة لهذا القرار من جهة أخرى، وفي كل الأحوال يتحمل المواطن الذي اندفع معارضا للقرار بعفوية، نتيجة التخريب الذي لحق بالممتلكات العامة والخاصة، دونا عن الجميع، والسبب في ذلك عدم وجود مرجعية لهؤلاء المواطنون، الذين خرجوا للشارع لتتحدث باسمهم، أو تعرض وتدافع عن وجهة نظرهم المعروفة مسبقا، والتي لا يوجد لديهم شيء يفاوضوا عليه، سوى التراجع الحكومي الفوري عن قرار رفع الدعم، أو لهم الحرية بالبقاء في الشارع، وعلى الدولة أن تتحمل نتائج إصرارها على قراراتها.

     أما بالنسبة للتيارات السياسية، فالناطقون باسمها يشجبون أي أعمال تخريبية، ويتمسكون بحقهم في التظاهر والتعبير عن الرأي، وأي استغلال لموقفهم هذا من قبل أي خارجون على القانون لتنفيذ أعمال تخريبية هم ليسو معنيين به، وهذا الموقف أيضا تشاطرهم به نقابة المعلمين، التي سارعت بإعلان الإضراب عن العمل، لحين تراجع الحكومة عن قراراتها  برفع الدعم، مع أن القرار ليس له صلة بالعملية التعليمية من بعيد أو قريب، إلا أن شريحة المعلمين سيطالهم ما يطال باقي شرائح المجتمع الأردني، وهذا القرار بدورة أدى إلى إحداث مشكلة اكبر من تلك التي اختلقتها الحكومة.

     فإذا كانت الحكومة اضطرت لاتخاذ قرار مصيري حاسم، مدفوعة بضغوط داخلية وخارجية، حتمت عليها الدخول في دائرة التماس المباشر بقوت المواطن، مع الأخذ على عاتقها تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين الأكثر حاجة للدعم، بتقديم دعم مادي يعوض جزئيا فروق الدعم المقدم على المشتقات النفطية، وتحميله جزء من عبء الدعم الحكومي، يصل في نهاية المطاف لتحمل المواطن فرق أسعار عام يقدر بـ 5%، يعتبر مساهمة إجبارية منه مع الحكومة لتجنيبها الوقوع في مشاكل اقتصادية تعجز معها من القيام بالتزاماتها وواجباتها المطلوبة منها، أما المؤسسات الوطنية والشعبية، فقد أدخلت البلاد في دائرة التخريب والفوضى، مع الإصرار على عدم تحمل النتائج أو حتى الاعتراف بالمسؤولية غير المباشرة عنها، على اعتبار أنها من وفر الفرصة المناسبة للمخربين لتحقيق أغراضهم الشخصية، والتي انعكست إلى بقعة سوداء في ثوب هذا الوطن، تمثلت بالقتل، والتخريب، والسرقة، وقطع الطريق.

     المسؤولية في الحفاظ على المكتسبات والمقدرات الوطنية هي مسؤولية الجميع بلا استثناء، فحري بنا جميعا المحافظة على الممتلكات، سواء كانت عامة أو خاصة، فهي في النهاية منا جميعا، ولنا جميعا، والانجرار وراء الفوضى نحن جميعا من سيدفع ثمنه، شعب، وحكومة، وملك.

10‏/11‏/2012

اعلم دولة الرئيس


     اعلم دولة الرئيس أن الفقر ضيف طالت إقامته في ديارنا، واعلم أن العوز سيد الموقف لكثير من رعية الملك، وثق تماما أن التاريخ لن يسجل لك بعد إقدامك على رفع الأسعار أي موقف وطني شجاع، وان سُجل مثل هذا الموقف في سجل المؤشرات الاقتصادية، لتحسين أداء الاقتصاد الوطني، واعلم انك تنتحر سياسيا إذا أطعت أحداً لتنفيذ مثل هذه الرؤى، فما واجهه فايز الطراونه عند تنفيذه لهذا المخطط ستواجهه أنت، مع فارق كبير بينك وبين الطراونه، فالطراونه رجل سلطة، وأداة بيد المتنفذين يوجهوه أينما أرادوا، وخرج من السلطة مهزوما شعبيا، مشكورا من رأس السلطة وبقيت له الحظوة لدى المتنفذين، أما أنت فالمفروض انك من رحم المعارضة، ومن صف الشعب، وعليك ما عليهم، إلا انك وبعد وصولك إلى كرسي السلطة انقلبت عليهم، واعتقادي أن المواجهة بينك وبين الشعب، ستحمل لك يا دولة الرئيس تهمة الخيانة لأحلام البسطاء، وقتل طموحات الشباب الذين تصدح حناجرهم بالمطالب الإصلاحية ومحاربة الفساد، ولن تجد في السلطة من يقول لك أحسنت، أو حتى شكرا عبدالله، بعد انتهاء صلاحيتك لديهم.

      ونجد انه بمجرد جلوسك على كرسي السلطة انقلبت أفكارك، فالشعب الذي عاث الفساد بمقدراته، أصبح مصدر هدر الأموال، والأموال المنهوبة ورموز الفساد تحصن، فأنت تريد معالجة ما أفسده رموز الوطن، من رجال السياسة ،والاقتصاد، والفكر المتقدم، على حساب الفقراء، وتريد أن تخلي مسئولية الدولة من أي كلفة معيشية لهم، وتريد أن تصحح في شهرين ما فسد في عقدين، والمشكلة الأكبر، إن من يقدم لك الحلول، هم نفس من أشار على من قبلك، وأورد البلاد إلى حافة الإفلاس، فبعد أن أفلسوا البلاد وضيعوها اقتصاديا، هاهم اليوم سيضيعونها سياسيا، فهل تعتقد أن البلاد محصنة عن الثورات الشعبية، أم تعول كثيرا على سحيجة الداخلية، بالتلقي لأي مسيرة تخرج غاضبة من كل مكان في هذا البلد، الذي لم يعد فيه مكان محصن من الثورة، إلا عبدون وخلدا ودابوق.

     امضي عبدالله، فالطريق التي تسير بها، وتريد أن تصلح من خلالها، آخرها هاوية، لا تعود منها أنت، ولا من لحقك، أو حتى من دلك إليها، وان كان قبلك خرج فايز الطراونه بقرار الملك تجميد قراراته،وأنقذ ما يمكن إنقاذه، فأنت يا دولة الرئيس ستجد نفسك رجل المواقف الصلبة، ولكن أسهل من كُسر بأنفاس أبطال الثورة، دون أن تصل إليك أياديهم، وستجلس في بيتك لا تُمدح من رجال السلطة، ولا تشكر من أبناء الثورة.

     فعمر حكومتك بقي منه شهرين ونصف، استثمره بتنظيم البيت الحكومي، وتصويب الخلل الإداري في أجهزة الدولة، ودع البرامج الإستراتيجية الكبرى للحكومة القادمة، والتي عسى أن تكون حكومة رشيدة، لا حكومة مصالح، فثقتنا بالمعارضة تزعزعت، مع زعزعت ثقتك أنت لدينا، وانتبه جيدا لما يدار حولك، فالبلاد بدأ الحديث على أيامك أن مساحتها ستزيد الثلث، ولم نسمع منك ما يشير إلى انك تعلم شيئا عن ذلك، وان غاية ما تجزم به انك متأكد، انه لم يرسل لقمع الثورات في الخارج أي جندي أردني، وأخشى ما أخشى أن تكون آخر من يعلم.

07‏/11‏/2012

خبطة جديدة


     اطمئن الشعب الأردني ( الطبقة التعبانة منهم واللي من حالتي)، أن إعلان الإفلاس لن يكون هذه الأيام، وانه وسيكون عند إنفاق آخر قرش في خزينة الدولة، فالحكومة الأردنية فقدت مصداقيتها، وانتهجت منذ البداية مع المواطن الأردني، طريقة ذلك الراعي الذي كان يصرخ في قريته كل يوم بان الذئب هجم على قطيع أغنامه، فيهب الأهالي لتخليص مواشيه من الذئب، ثم يكتشفوا أن الراعي يكذب عليهم، وبتكرار العملية أكثر من مرة، فقد هذا الراعي مصداقيته، وفي المرة التي لحقت وناداهم مستغيثا لتخليص ماشيته من الذئب وهو صادق، ما كان من أهل القرية إلا أن أهملوا استغاثته، وكانت النتيجة فقده ماشيته.

     والحقيقة أن قصة الراعي هذا استوعبتها الحكومات المتعاقبة في بلادنا، وعملت كعمل الراعي، فأخذت تقول بأنها عاجزة عن الاستمرار بدعم قسم كبير من مؤسساتها فأخضعتها للبيع باسم الخصخصة، وبدل أن تحل المشكلة تفاقمت، وأصبحنا بعد الخصخصة نولول من عجز الموازنة، ونغرد بضرورة رفع الدعم عن المشتقات النفطية والكهرباء، ثم سيأتي دور الخبز خاصة، والغذاء عامة، ثم يأتي بعد ذلك من يقول أن عجز الموازنة سيتخطى حجم الإيرادات والمنح والمساعدات ( إعلان إفلاس لكن بكلام اقتصادي مرتب خوفا على المواطن المعدم من الجلطة).

     ثم بعدها بقليل، يسرب خبر بنزول طائرات محملة بمليارات الدولارات دفعة واحدة للأرصدة الأردنية ( ليس بالضرورة وزارة المالية، وأكيد البنك المركزي ليس المكان الآمن لإيداعها، فمؤسسات الدولة عبارة عن قربة مخزوقة، ولكن سلامة الموجودين صحت لهم خبطة جديدة من خبطات العمر) ينفيه دولة الرئيس مباشرة، بقوله انه لا يوجد أي مشاركة أردنية، لأي فرد من قوات الدرك في أي أعمال قمعية للثورات في أي بقعة خارج الأردن (ممكن نصدق الخبر، لان قوات الدرك كانت يومها مشغولة بالجفر، لتنفيذ حملة أمنية، وكان كل الجنرالات حاضرين ومجتمعين على طعام الغداء بالقاعدة الجوية).

     والحقيقة أننا من فرحتنا بالخبر، أخذنا نسب على البراك، الذي بارك لنا بقدوم المليارات، فالبراك والشعب الكويتي يطالبون شيخهم بإجراء إصلاحات كباقي إخوتهم في الدول العربية، إلا أن تعنت شيخهم عاد على الأردن بمليارات الدولارات ( طبعا الخبر ممكن أن لا يصدق، لكن هذه دنيا وكل شي يمكن حدوثه، واحتمال أن مجلس النواب القادم يغلق ملف هذه المليارات، إن سرب أنها قدمت للأردن، وينفي وجود أي شبهات فساد بالموضوع) فالبراك غضب على استضافة الكويت لربعنا من قوات الدرك، وقال (يعني إذا ضربني عسكري كويتي أقول اخوي معليش) لكن ماذا أقول لأم العيال إذا ضربني أردني، وسألتني ( شو جيبهم علينا بالكويت).

     لكن أيعقل أن لنا الحق أن نغضب على البراك ونحن من ذهب لضربة في بلده، وهل لو حدث مثل هذا الحدث في الأردن، وتم استقدام عسكريين لفض المظاهرات عند الجامع الحسيني من أي بلد، هل سنغضب كأردنيين وأهل البلاد، أم نقول يا أهالا بوجوه الأقارب! ونغلق قاموس المفردات الأردنية، الذي يستخدم في مثل هذه الحالات، ونتعهد بعدم فتحه؟.