22‏/10‏/2012

عفو ملكي عاجل


     من المقرر أن جلالة الملك سيلتقي اليوم في الديوان الملكي، بمختلف الفعاليات الشعبية، وهذا لقاء طيب في أيام مباركة وفي ظروف استثنائية، فاقتصاد البلاد ينحدر سريعا نحو الهاوية، نتيجة عوامل متعددة أدت إلى الوصول لهذه الحالة، وتحتاج إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان، فالحكومة تدرك تماما حساسية أي قرار يمكن أن يكون له آثار سلبية على الأوضاع المعيشية، التي تبدو متعسرة على كثير من أفراد الشعب، الذين أرهقتهم تكاليف المعيشة، وأصبحت القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية من الضروريات، أمر يصعب تحقيقه لدى الكثيرين.

     وفي الوقت نفسه تعجز الحكومة عن تقديم أي دعم للمواطن، نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها من جهة، ونتيجة للظروف المختلفة التي تنعكس آثارها على المملكة، نتيجة الصراعات التي تفرض نفسها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص الأوضاع في سوريا.

     و المشكلة أيضا تتزايد، نتيجة إقحام الحكومة نفسها في محاولة الحد من التجاوزات الفردية، بتأطير قوانين ناظمة جديدة، ليست ظروف المرحلة الحالية مناسبة لها، بل إن إصدار هذه القوانين في هذا الوقت يعتبر تجاوز من الحكومة على الحريات، وكمثال على ذلك قانون المطبوعات وتعديلاته، فكان بإمكان الحكومة الاعتماد على التشريعات التي كانت متاحة، وإرجاء مثل هذا القانون للوقت المناسب، بدل خلق حالة من التوتر وعدم الرضا بين الأوساط الشعبية والمؤسسية المختلفة.

     ومن القضايا الحساسة التي ورثتها حكومة النسور، قضية المعتقلين الشباب، التي تصدح الحناجر بالمطالبة بالإفراج الفوري عنهم، رغم حدة الشعارات التي كانوا يتبنونها، ولا يزالون مصرين على تبنيها والمناداة بها، والتي تقف الحكومة بأجهزتها المختلفة وقفة حاسمة حيالها، إلا إن وقفتها هذه في نظر الفعاليات الشعبية، وقفة قاصرة وعاجزة، لان النتيجة الطبيعية لها، تزايد أعداد مناصري المعتقلين، وتبنيهم لنفس تلك الأفكار والشعارات المحرمة، وعدم التردد من إطلاقها وباللحن الغنائي، عند انطلاق أي مسيرة شعبية.

     وكنتيجة طبيعية للقاء الذي سيجمع الملك بمختلف الفعاليات الشعبية، ستكون النتائج مخيبة للآمال من هذا اللقاء، إذا لم تكن من الملك مبادرة بالعفو عن المعتقلين السياسيين والشباب فورا، وفي نفس الوقت لا نتوقع أبدا أن هذا العفو، سيكون معناه أن إطلاق الشعارات خلال المسيرات القادمة، سيتوقف عند حد معين، فالعفو الملكي إن تم، لا يعني اندراجه تحت مثل ( إذا أكرمت الكريم ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمردا)، ولكن الشيء المعلوم والمؤكد، أن حالة إطلاق الشعارات المزعجة، للحكومة والقصر، هي حالة طبيعية في هذه المرحلة، رغم خطورتها وانفلاتها، و ستبقى دائما خارج نطاق السيطرة، وعرضه للتكرار باستمرار.

21‏/10‏/2012

أي أراضي أردنية


     لا احد ينكر وجود فلسطين على الواقع، ولا يجهل احد بان فلسطين هذه دولة محتلة من العدو الإسرائيلي، وأيضا لا يجهل احد بان القوة الإسرائيلية تفوق إمكانيات الصمود العربي في وجهها، عدا عن كونها حليف قوي لأمريكا ودول العالم الغربي وروسيا، ومن المسلم به أيضا أن القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، ولو قولا باللسان من غير أي عمل جدي على ارض الواقع، فالدول المحيطة بالدولة الفلسطينية المحتلة، دول مسالمة ووديعة إلى ابعد الحدود، عند التفكير باستخدام القوة ضد إسرائيل، فعند زعمائها قدرة إقناع كبيرة على تغليب حسابات المنطق، وترجيح الحل السياسي على اعتباره الحل الأمثل، لحل القضية الفلسطينية.

     هذا كله ما اعتادت القيادات العربية إقناع نفسها به، وكانت تروج له بين الشعوب العربية كافة، حتى تأمل الناس بأوسلو الحلول والفرج، وكاد المواطنون الفلسطينيون المهجرين من بلادهم، أن يحزموا حقائبهم وأمتعتهم، استعدادا للعودة إلى أراضيهم المحتلة، بعد أن صُور لهم أن محادثات السلام ستعيد لهم ما اخذ منهم بالقوة.

     ولكن سبحان الله بعد عشرات السنين من المفاوضات والآمال الخائبة، يزور الأمير الحسن نابلس، ويزف البشرى لنا بان أوسلو حلم استيقظ منه العرب، وتذكر الأمير أن الضفة الغربية أراضي أردنية محتله، وان الأردنيين كانوا متناسيين ملكيتها، وان الإرادة الشعبية الفلسطينية باستعادة أراضيهم، وإنشاء دولتهم المستقلة كانت من أحلام اليقظة، ولن تكون بعد الآن، فماذا جد على الأمير المفكر بعد قرابة ربع قرن، للعودة مجددا بالحديث عن الوحدة الأردنية الفلسطينية، واستذكار مشاعر الحزن والدموع التي ذرفت عند قرار فك الارتباط تلك الأيام.

     وعلى الرغم من حساسية الحديث أو الكتابة عن العلاقات الأردنية الفلسطينية على المستوى الشعبي، لأن التهمة موجودة بإثارة النعرات والكراهية، وتأجيج مشاعر التفرقة بين الشعبين المتلاحمين، وان الحديث يبعث على الكراهية وإثارة الفتن، إلا انه لا بأس من بيان موقف من يقف في صف قرار فك الارتباط والمطالبة بدسترته، فالمؤيد لهذا القرار يرى أن فلسطين للفلسطينيين، وان الأردن للأردنيين، وأي محاولة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، فمعناه تخلي صريح عن فلسطين وتركها للصهاينة، وهذا معناه الخيانة والانهزام، فهل إعادة ضم ما تبقى من الضفة الغربية للأردن، سيكون محفز لصاحب القرار الأردني على العمل الجاد على تحرير الأراضي المحتلة من إسرائيل، وإذا كان ذلك ممكن فلماذا الانتظار عن فعل ذلك، أم هي فقط كلام جديد وبطريقة جديدة للمباركة لإسرائيل بان كل ما استولت عليه لن ينازعها علية احد، فالفلسطينيون سيستبدلون مشاهدة القوات الإسرائيلية بمشاهدة قوات الجيش والأمن الأردني، وسيوفر الإسرائيليون تكاليف ضبط الحدود، بين ما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي سيعيدونها للأردن، وتلك التي ستبقى تحت احتلالهم، وبذلك تظهر إسرائيل للعالم بالدولة المحبة للسلام، والتي قبلت بالحل السلمي لإنهاء الصراع في المنطقة، وحينها نكون نحن قد خرجنا من قيود سايكس بيكو، إلى الوقوع في طامة حسنياهو الجديدة.

     ثم يأتيك من يقول كيف تفرق بين أردني وفلسطيني، وكيف تفرق بين شرقي وغربي، وكأننا نعيش في عالم خيالي، ونتناسى الواقع والحقيقة، فمن ينكر على الفلسطينيين أصولهم الفلسطينية، أو ينكر على الأردنيين أصولهم الأردنية، إما أن يكون لا يدرك ماذا نقول، أو أن بيننا وبينه خلاف عميق في استخدام الألفاظ، يأخذها بحساسية الزئبق، ونأخذها نحن على مقياس رختر.

15‏/10‏/2012

فلنبدأ من حي الطفايلة


     إذا لم يكن انطلاق الإصلاح من حي الطفايلة، فان الأمور ستسوء في فترة وجيزة، فسكان حي الطفايلة من الشرق أردنيين الأصليين، وأي حديث عن التخوين لهم، لن يكون محل تصديق احد، واتهامهم بالعمالة لأي جهة خارجية، سيكون محل سخرية الجميع، ومجرد التفكير باتهامهم بالحصول على دعم خارجي لإثارة الفوضى في المملكة، سيكون شطح من الخيال، يعجز عن تصديقه حتى أصحاب فكرته.

     قد تكون أكثر القضايا حساسية التي تثار في حي الطفايلة، هي مسألة استمرار اعتقال ناشطي حراك الطفيلة، والتي اتخذتها الحكومة لمحاولة الحد من إطلاق شعارات، تعرف بالعرف الأمني الأردني، بالشعارات التي تجاوزت الخطوط الحمراء، إلا أن نتيجة اعتقال شباب الحراكات، أدت إلى إيصال الوضع الأمني في الحي للخطوط الحمراء، فالمسيرات التي تخرج كل ليلة، وأيام الجمع، والتي يتم فورا تصويرها وتحميلها على موقع اليوتيوب، والذي يحفل بمتابعة كبيرة لكل تسجيل يتم تحميله، تحمل في طياتها إطلاق شعارات تفوق تلك التي تم زج نشطاء الحراك في السجون بسببها، وتطورت الأحداث سريعا، وصولا إلى مسافات يصعب على القوى الأمنية تدارك آثارها السلبية، والتي يتزايد خطر انتشارها إلى خارج حدود حي الطفايلة بسبب العناد الأعمى، وعندها ستكون الكارثة التي نتمنى أن لا نصل إليها، وعندها أيضا ستكون الشعارات التي تنطلق من حي الطفايلة، وقود لنار إعلامية ستدمر كل ما بُني في العقود الماضية، ولن تقوم لنا قائمة لعقود طويلة قادمة، فحل مشكلة المعتقلين ضرورة وطنية والإفراج عنهم مسألة في غاية الأهمية، ولا تحتمل التأجيل والمماطلة، أو التسويف وإطلاق الوعود.

     وندرك تماما أن الأمن والحكم الهاشمي، هما مجدافا قارب النجاة للأردن، والظروف التي نعيشها، وتصارع أعاصير التغيير فيها دول المنطقة، تفرض علينا المحافظة على مجدافينا، وإلا ستحل بنا كارثة نعجز عن تحمل نتائجها، فالأمن مرتبط بأجهزة الدولة بشكل مباشر، والتي يجب أن تعي القيادات الأمنية والسياسية تماما كيف تحافظ علية، وإلا فان نتيجة أي خطأ ترتكبه سيكلفنا كثيرا، بل سيكلفنا مالا نطيق.

      أما الحكم الهاشمي، فمرتبط بالملك شخصيا، والذي نرجو أن يتخذ أعوان على قدر من المسؤولية والقوة والأمانة، لان أي خطأ لأي منهم ستنعكس نتيجته مباشرة على مقدار الرضا الشعبي عن الملك، كما وان من القضايا الحساسة التي تسعر مشاعر الغضب في حي الطفايلة، وباقي مناطق المملكة، استقواء رجال الملك على مفاصل الدولة، وتنفذهم على كل المستويات، واستفحال الفساد، وعجز القانون عن ملاحقة الفاسدين منهم، وتبنيهم أراء، وقيامهم بأعمال، وتصريحهم بأقوال، تثير أفراد المجتمع، لا بل يستهدفون من المجتمع أكثر أبناءة ولاء للملك، وهم أبناء العشائر، فالحديث عن توطين الأشقاء الفلسطينيين تصريحا أو تلميحا، معناه إعلان الحرب على العشائر، التي تقف من هذه الأفكار على طرف نقيض، وتراه أمر غير قابل للنقاش أو حتى للإثارة، وتنظر لكل من يتبنى هذا الفكر، بغض النظر من مكانته، أو وظيفته، أو قرابته، بالعميل للكيان الصهيوني، الذي يريد حل القضية الفلسطينية على حساب تضييع حقهم بالعودة، أو حتى الاعتراف بكيانهم الشخصي واستقلاليتهم، والسعي لإذابتهم بالمجتمع الأردني، أو إذابة المجتمع الأردني بهم، والنتيجة عندهم واحدة.

      نطلب من الملك إغلاق الأفواه التي تطالب بإثارة الفتنة، وتقديم اعتبارات الحفاظ على الأمن والحكم الهاشمي، على أي اعتبارات أو فروض دولية، فالشعب يستميت بالدفاع عن الحكم الهاشمي ما دام في صف الشعب، و عندها لن يكون بحاجة إلى إيجاد أي حليف جديد للحفاظ على الحكم.

10‏/10‏/2012

وأخيراً عبدالله


     رئيس وزراء قوي وأمين ولكن خياراته محدودة جدا، هذا هو حال دولة رئيس الوزراء الأردني، المكلف بإدارة مرحلة الانتخابات النيابية القادمة، فقانون الانتخاب نافذ، ومجلس النواب منحل، وقانون الطوارئ مجرد التفكير باستخدامه ليوم واحد فقط لتمرير قانون انتخاب مؤقت، يعتبر قرار محرج جدا للمعارضة، والحكومة، والملك على حد سواء، وان كانت نتيجة استعماله قد تؤدي إلى ضمان معدلات مشاركة كبيرة في العملية الانتخابية.

     وعلى الرغم من ذلك، يبقى للإرادة الملكية بتكليف الدكتور النسور، وقع طيب في نفوس الأردنيين، فالرجل صاحب مواقف جريئة وثابتة للمطالب الإصلاحية، وصاحب رؤية واضحة في أولويات السلطة والقيادة، تجعل منه الرجل الأكثر قبولا لدى الجماعات الإسلامية، ومختلف الفعاليات السياسية والحزبية الأردنية الأخرى، كما ولكونه مطلع بشكل كبير على واقع الحياة السياسية والاقتصادية لكل أطياف الشعب، ومعاصر لها، ومدرك لانعكاساتها على كل فئات المجتمع، علاوة على السمعة الطيبة التي يتحلى بها الرجل شخصيا، ونظافته، ونزاهته، من أي تورط بأي ملف من ملفات الفساد، التي تلطخت بها سمعة كثير من رجال الدولة، وكبار موظفيها، تجعله أيضا الرجل الأكثر قبولا لدى الشارع الأردني بمختلف أطيافه، سواء الموالية بالولاء المطلق للملك، أو تلك الفئات الشعبية التي تنظر للفعاليات الحزبية الأردنية بعين الخوف منهم والشك بحسن نواياهم، فالرجل محل ثقة الجميع، وانه من الرجال الذين كان منتظر منذ زمن طويل توليهم مثل هذه المهمة.

     وفي ضوء ذلك فقوة الرجل وعزيمته على المحك، فقدرته على إقناع الأحزاب والتيارات السياسية المُقاطعة للانتخابات بالعدول عن قرار المقاطعة، في ظل قانون الصوت الواحد الحالي، على الرغم من صعوبتها، إلا أنها ممكنة في حال تقديم ضمانات جدية وكافية بنزاهة العملية الانتخابية، وكف يد الأجهزة الأمنية عن العملية الانتخابية بكل مراحلها، ولجم الإعلام الرسمي عن التحريض ضد الجماعات الإسلامية، فهذه الوسائل ستكون مشجعة لجبهة العمل الإسلامي ومحفزة على المشاركة، لا سيما وإنها في مثل هذه البيئة المناسبة، ستتمكن من تحصيل عدد مناسب من المقاعد النيابية، يحقق لها القوة والتأثير في قرارات المجلس النيابي، وتبقى معضلة مجلس الأعيان، والتي من الممكن أن تعالج خلال فترة عمر المجلس النيابي، التي أصبحت القيود في طريق قرار حله أكثر تعقيدا من قبل، لكون الحكومة خلال هذا الاستحقاق ستشكل بموجب رؤية جديدة تتماشى مع التركيبة النيابية التي ستفرز من خلال انتخاب أعضاء المجلس النيابي حسب الوعود الملكية.

     ننتظر من دولة الرئيس تسمية طاقمه الوزاري، الذي سيساهم مع دولته في اجتياز مرحلة حرجة من مراحل التغيير السياسي الأردني، في ظل ظروف اقتصادية عصيبة تمر بها المملكة، وحالة من عدم الرضا الشعبي عن أداء كثير من مؤسسات الدولة، انطلاقا من مؤسسة القصر، التي لن يستطيع عمل أي شيء حيالها، أو كبح نفوذها، مرورا بهيئة مكافحة الفساد - وطول بالها- أو انتكاسة الخدمات البلدية في كل المحافظات، والحد من القبضة الأمنية والتعصب في معالجة الأزمات برؤية الرجل القوي، وعدم إتاحة الفرصة للمهنية الأمنية، في اتخاذ فرصتها في معالجة المشاكل وحل الأزمات.

     المطلوب من دولة الرئيس العمل على تحقيق طموحات أبناء الشعب الأردني، لأن فشل دولته في هذه المرحلة سيكون ضربة قاضية للإصلاح في المملكة، وان كبا بك جوادك دولة الرئيس، فسنكبو كلنا في هذا البلد، فلا نريد أن نكون صورة عن مصر، ولا نريد أن نكون انعكاس عن سوريا، نريد أن نكون متميزين، بقيادة هاشمية، وتدفعنا إرادة شعبية.

03‏/10‏/2012

الإعلام ونشر الكراهية


     على مدى الشهور التي مرت، وارتدت فيها البلاد حلة الربيع العربي، اكتسب يوم الجمعة من كل أسبوع خصوصية إحياء متجدد للمسيرات المطالبة بالإصلاح، ومحاربة الفساد، والمحاولة الدائبة على ثني الحكومة عن اتخاذ أي قرارات ممكن أن تنعكس آثارها على مستويات المعيشة للمواطنين، ولا ينكر احد أن هذه المسيرات استطاعت أن تحقق نتائج مرضية لفئات الشعب المختلفة.

     إلا أن مسيرة 5 / 10، والتي حشدت لها جماعة الإخوان، وعدد من الأحزاب السياسية والفعاليات الشعبية، كل طاقاتها للوصول إلى اكبر عدد ممكن من المشاركين، لم ترق للحكومة، ولرعاة الإعلام الرسمي، التي تصب أفكارهم ووجهة نظرهم في التشكيك بحسن النوايا لمنظمي هذه المسيرة، وإظهارهم بأنهم دعاة فتنه وتفرقة بين أبناء الأردن، وكأن الأمر يعني أن كثرة المشاركين العددية، تعني خطر عظيم لا يمكن تفادي تبعاته ونتائجه في أيام الجمع اللاحقة.

     فاستطاع الإعلام الرسمي سواء كان بالصحف، التي أصبحت المواقع الالكترونية أكثر موضوعية وحياديه منها، لكونها خارج قبضة الحكومة، أو كانت الهجمة بالإعلام المسموع، من خلال القنوات التلفزيونية، أو الإذاعات، ومن خلال برامجها المشهورة، التي جُندت لمحاولة الترهيب من المشاركة في مسيرة الجمعة، وإظهار المسيرة بأنها تهدف لتحقيق أجندة خارجية بأيدي أردنية، والتي اخذ الحماس بمقدمي البرامج في تلك القنوات والإذاعات إلى أن يكونوا قضاة يحكمون بلا حكمة، واستخدموا الأداة الإعلامية المتاحة لهم كسلاح للطعن بوطنية دعاة مسيرة الجمعة، وصناعة أجواء من الكراهية لهم، وتحريض المواطنين عليهم، من خلال فوضى إعلامية عارمة، أطلق فيها العنان للسادة الإعلاميون الذين زايدوا على الناس بالوطنية، فاخذوا يعيبون الناس بما هو عيب فيهم، بعد فرط الحماس لديهم وإسهابهم في ذم الناس وتحقيرهم، متجاهلين أن المواطن مشحون بالكراهية للسياسات الحكومية، وانه أصبح يفقد الثقة بكل المسئولين والساسة والرموز، بل وان المواطن يعي جيدا أن التصفيق والتسحيج كلام فارغ لن يأتي بخير على احد.

     نحن نطلب من السادة الإعلاميون في كل مواقعهم، عدم نشر الكراهية والفوضى بين الناس، بل ندعوهم للقيام بواجبهم الفعلي، وهو نشر التوعية والتثقيف للجميع، ومعالجة الأمور بالموضوعية والحكمة، وانتهاج الحياد، فانتم في مقام عام لخدمة العامة، وإذا أراد أحدكم التعبير عن رأيه الشخصي فلا مانع، ولكن ليس على وسائل إعلام العامة، لأن استغلال الوسائل العامة للأغراض الشخصية، ضرب من ضروب الفساد الذي يجب محاربته، فأيها السادة الإعلاميون الذين فقدتم حياديتكم، لا تعروا الناس وتنثرون بذور الكراهية بينهم، لان أول قطاف عملكم وحصاده سيكون فقدكم لمصداقيتكم، وهيهات النجاح لإعلامي فقد مصداقيته بين جمهوره ومحبيه، فالرجاء لكم ومنكم بالتوقف عن صناعة الفوضى، ونشر الكراهية بين أبناء الوطن، وعودوا لمهنيتكم وحافظوا على مصداقيتكم التي بدأت تنفذ أرصدتها منكم وانتم لا تشعرون.