30‏/12‏/2012

مجلس نواب 2013


     يبدو جلالة الملك في ورقته النقاشية الأولى، التي أطلقها مع بدء مرحلة العد التنازلي لإجراء الانتخابات النيابية، متفائل  بالمرحلة القادمة، لدرجة انه يرى أن المرشحين للانتخابات النيابية يسعون لشرف تحمل المسؤولية، وليس اندفاعا منهم لتحصيل منصب يسهم بتحقيق مكاسب شخصية لهم.

     كما ويحث الملك الناخبين، على ضرورة منح أصواتهم للمرشحين الذين يولون الوضع الاقتصادي، والقضايا الوطنية، والرؤية المستقبلية، الأهمية اللازمة، وتجنب أولئك المرشحين الذين تربطهم بهم علاقات شخصية، وصلات قربى.

     كما ويدعوا الملك إلى عدم الالتفات إلى اختلافات الرأي، التي أخذت من المقاطعة وسيلة للتأثير على الممارسة الديمقراطية، وحالت دون حدوث التوافق المنشود، وحث على تجاوز هذه الخلافات، عملا بمبدأ أن الديمقراطية لا تكتمل إلا بالمبادرة البناءة، وقبول التنوع والاختلاف في الرأي.

     وقدم جلالته أربعة مبادئ وأساسيات لا مجال للحياد عنها، ويجب أن تصبغ سلوكياتنا السياسية والاجتماعية، كي نصل إلى نظام ديمقراطي بالمستوى الذي نطمح له، وهي أن الاحترام والثقة المتبادلة واستيعاب كل منا للآخر، أساس الشراكة بين الجميع، كما إن المسائلة لمن في موقع المسؤولية، ومحاسبة ممثلين الشعب على أساس التزاماتهم التي قطعوها على أنفسهم، تعد استمرارية لنهج الديمقراطية، وعدم انقضائها مع سقوط ورقة الاقتراع في الصندوق، والتركيز على تغليب لغة الحوار، وتقديم المصلحة الوطنية على ما سواها، واستخدام الأدوات الديمقراطية في وقتها المناسب، ونبذ العنف والتخريب بكل أشكاله، وأخيرا فان الانجازات والمكاسب ثمرة لجهد الجميع، والتضحيات في سبيل تحقيق هذا النجاح، يجب أن يسهم به الجميع أيضا.

     واختتم جلالته بالتأكيد على أن الأردن دخل مرحلة جديدة من النضج السياسي، داعيا الجميع للمشاركة بقوة، في صناعة مستقبل البلاد، من خلال التصويت بالانتخابات.

     وفي قراءة موجزة للواقع، نجد أن المترشحين للانتخابات النيابية هذه الدورة، هم امتداد للمرشحين في الدورات السابقة، وان كانت نسبة من ترشح من أعضاء المجالس النيابية السابقة هذه المرة اقل من التوقعات، إلا أن طابع القدرة على تقديم الخدمات يبقى هو العنصر الأكثر جاذبية لأصوات الناخبين.

     ثم إن بنية قانون الانتخابات التي جاءت على نظام الصوت الواحد، هي ركيزة أساسية لوأد أي نية إصلاحية على مسيرة الديمقراطية، بل وان نظام الصوت الواحد هو مقياس غير دقيق للدلالة على الوزن السياسي للكيانات السياسية، تتمسك الحكومة باستخدامه للمحافظة على بنية الدولة التقليدية.

     ثم إن المخاوف من امتداد سيطرة الإسلاميين في المنطقة، جعلت الحكومة تبحث عن تكوين سياسي مضاد قادر ولو إعلاميا على ملء الفراغ والعزوف السياسي في البلاد، لتكوين نواة مشروع ديمقراطي جديد، يتماشى مع ضروريات ومتطلبات الفترة الراهنة، وان كان هذا التكوين لا يعبر عن أغلبية شعبية، أو حتى نصف الأغلبية من طموح الشعب، فلجأت للقوائم الوطنية وبعض الأحزاب اليسارية، لاستخدامها كبدائل مطروحة، لإكمال مشروع الديمقراطية الجديدة بمجلس نواب 2013.

25‏/12‏/2012

على اعتبار ما سيكون


     إن فرار بن علي من تونس، وسقوط مبارك في مصر، وقتل القذافي في ليبيا، وتنحية علي صالح عن عرش اليمن، واستماتة بشار للحفاظ على عرشه الذي ورثه عن أبيه، كشف للمواطن العربي مدى تشبث الحكام العرب بالسلطة، ومدى استماتتهم في البقاء على عروشهم، وان وصل الأمر إلى حد القتل، الذي أصبح عندهم أسهل من الاعتقال أو التعذيب، في صفوف أفراد الشعب الثائر في بلادهم.

     نعم أصبح المواطن العربي يشك أن كل حكام العرب تخرجوا من مدرسة واحدة، تعلموا فيها فنون التنكيل بالشعب، فالظاهرة تبدأ إمكانية استشعارها من قبل المواطن المسكين، من الرفاهية التي يعيش بها هؤلاء الزعماء، في حين أن شعوبهم تئن تحت وقع الفقر، ثم من قراراتهم التي لا تخدم إلا مصالحهم ومصالح أعوانهم وزبانيتهم، وإصرارهم على المراهنة على الحصان الخاسر دائما، وتوجهاتهم التي تقود البلاد والعباد إلى الهاوية.

     ففي العراق شرقا سيرتج كرسي المالكي ارتجاجا عنيفا، وسيُسقط العراقيون المالكي، لأنه عنوان الأزمة العراقية، فالمراهنة على صداقة المالكي لن تجلب لنا سمنا ولا عسلا، وان كانت ستجلب له مزيدا من الثقة بالنفس وشيئا من الغرور.

     وفي سوريا شمالا، بدأ الجيش السوري الحر يجهز مشنقة بشار الأسد، الذي لم يبقى أمامه كثير من الوقت، للصعود على منصة الإعدام، ولن تنفعه يومها كل ترسانة روسيا الحربية، نعم سيثأر السوريون من بشار، الذي قتل أطفالهم، ونسائهم، وشيوخهم، وهدم بيوتهم، وتفنن في تعذيبهم، وجعل من المخابز أهدافا لطائراته الحربية، يخلط لهم طحين الخبز بدم الموت.

     فإذا كنا نتمسك بالمحافظة على علاقة طيبة مع نظام الأسد المتهاوي، أو نظام المالكي اللاحق به على عجل، فإننا حتما سنكون في وضع لا نحسد عليه بعد حلول الربيع، فهما نظامان يعيشان ساعة الاحتضار، ولن تكون لنا عند من بعدهما سابقة معروف، أو يد إحسان، وعلى ذلك سنعامل منهما، وبذلك نكون خسرنا الميت، وما تعوضنا بالحي.

     علينا أن نعي تماما، أن ما يدور حولنا، لا يحتاج إلى تأشيرة دخول، أو موافقة مسبقة ليصل إلينا، فالخطأ في هذه المرحلة التي نعيش بها، وفي ظل الظروف التي نمر بها، معناه انتحار شعبي شامل، وخسران مبين، لا يستطيع أي منا تحمل نتائجه، ولن تقوى حكوماتنا مهما تقشفت، أو أصبحت نزيهة ونظيفة، من الاعتماد على نفسها، إن اقفل أمامها باب المشرق، أو باب الشمال، فيجب أن يكون موقفنا اليوم من الأحداث التي تدور حولنا، يأخذ بالاعتبار ما سيكون غدا.

09‏/12‏/2012

أنقذونا


     تعمل الحكومة جاهدة، على تعرية التيارات السياسية من أي طابع للمصداقية الوطنية تتصف به، فتهمة العمل بأجندات خارجية تشكل عنوان إعلامي بارز للتشويه، وأسلوب مفضل لديها، والشخصيات المعارضة عملاء في نظرها، وتطرح على الطاولة أمام الناس كل أخطائهم ، وتستخدمها كأدلة إعلامية على صدق ادعاءاتها، أما الحِراكات فتتهمها الحكومة بأنها حِراكات غير منضبطة، وأنها منفعلة دائما، وسقف شعاراتها خارج نطاق سيطرتها، مما يجعلها عرضة دائما للقمع الأمني.

     وفي المقابل تناكف التيارات السياسية والحِراكات الشعبية الحكومة، وتنظر للقرارات الحكومية على أنها قرارات خاطئة دائما، وفي أحسن أحوالها قاصرة عن تلبية الحد الأدنى من الطموحات الشعبية، وتستخدم أسلوب استعراض القوة في الشارع لتجبر الحكومة على التراجع عن قراراتها، التي تعتبر مرفوضة في نظرها.

     هذا السجال الدائر منذ قرابة العامين في بلادنا، نعيه، وندركه، وننفعل لأجله تارة، ونجاريه تارة أخرى، ونتابع أحداثه أول بأول، ونتجاوب معه بشكل كبير، حتى وجدنا أنفسنا لا نحن من حقق الإصلاح، ولا الحكومة التي نجت من الملام الشعبي، ونكتشف بعد ذلك أن الوقت الذي كنا نؤجج الشارع به على بعضنا البعض، استثمره المفسدون في نشر الحبوب المخدرة بين الشباب في مجتمعاتنا كافة، فلا تكاد تخلو حارة من حارات المدن أو الأرياف الأردنية، من مروجين لهذه الحبوب المخدرة، ولا أبالغ إن قلت أن كثيرا من بيوتنا أصبحت تعرف هذه الحبوب المخدرة، التي لقيت من المتعطلين، ومن طلاب المدارس، وحتى بعض أرباب الأسر، مستهلكين لها.

    فعلى الدولة التي تتشدق بأنها دولة تحمي المواطن، وأنها توفر له الأمن، وان وجودها هو سبب النعيم الذي ينعم به، وتتخذ من الأمن ذريعة في إقناع المواطن بان لا يعارض سياساتها، ويخرج في المسيرات الاحتجاجية المناهضة لها، أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، وتقاوم انتشار تجارة الحبوب المخدرة التي عمت البلاد.

     ليس من المعقول بعد كثرة الشواهد، أن يخرج لنا مسئول في أي من الأجهزة الأمنية، ليقول أن الأردن بلاد ممر لمثل هذه التجارة، وليست بلد مقر لها، لأننا حينها لن نستطيع أن نصف هذا المسئول بأقل من انه كاذب، فكفى تعامي عن هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في المجتمع، بسبب القصور الأمني في معالجتها، فمن المؤكد أن هذه الحبوب المخدرة لا يتم إنتاجها محليا، وإنما أتت من خارج البلاد، ولا يلي حماية الحدود الأردنية إلا الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها، فأي قصور في الواجب، فهو مسؤوليتهم، ومسؤوليتهم وحدهم، والضرر اللاحق بالمواطنين أيضا من مسؤولياتهم.

     فهل تعجز الأجهزة الأمنية عن ملاحقة هؤلاء المفسدين وضبطهم، وتخليص الناس من شرهم، وهل تعجز الحكومة عن إصدار تشريعات رادعة لهم، فإذا كانت الحكومة تجيد التضييق على حريات الناس، فهل هي عاجزة عن مواجهة هذه الموجة من الفساد، فالواجب الملقى على عاتق الأجهزة الأمنية، هو التصدي لمثل هؤلاء، قبل أن يعم البلاء، ويصل إلى مراحل يصعب علاجها أو السيطرة عليها.

02‏/12‏/2012

إما حكمة أو فوضى


     قد تكون عدم قدرة التيارات السياسية و الحراكات الشعبية على الاتفاق فيما بينها، لتعمل برؤية مشتركة، وتوحد جهودها في التعامل مع المعطيات الموجودة لديها بمرونة كافية، ساعد الحكومات الخمس التي عاصرت حراكات الشارع على التغلب على نشاطاتها، والحد من تأثيرها على مدى العامين الماضيين، فالحياة كلها قائمة على المسايسة واغتنام الفرص، والملاحظ أن النهج المتبع من كل الأحزاب والحراكات من جهة، والحكومة من جهة أخرى، تقوم على تصيد الأخطاء للآخرين.

     ولو نظرنا للواقع الأردني لوجدنا أن الحراكات تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين، متخذة من قانون الانتخاب والتعديلات الدستورية ويضاف إليها قرار رفع الدعم عن المحروقات نقطة البداية للحل، وحجر الخلاف مع الحكومة في نفس الوقت، فإفراز قانون انتخاب لم يأتي متوافق مع رأي الأغلبية، هو نتيجة شرعية لمجلس نيابي منحل، أتى أصلا بطريقة يشوبها التزوير، فهذه حقيقة محل إجماع، ومع ذلك فالمطعن بصحة ما صدر عن هذا المجلس غير قانوني، والواقع العملي اليوم يحتم العمل بقانون الانتخاب المطروح رغم سلبياته، وكان أولى بالتيارات السياسية العمل على التأثير على الناخب، لكي يرشح أفضل الموجود، رغم وجود عقبة الصوت الواحد، مع احتفاظها بحقها في الامتناع عن الترشح والتصويت، للتقدم ولو بخطوات بطيئة لإفراز مجلس نيابي يكون أصلح حال من المجلس الذي سبقه، يكون قادر على تجاوز عقدة الخلاف بإفرازه قانون انتخاب يرقى لمستوى طموحات التيارات السياسية، ويستطيع تخطي نقاط الخلاف، ويمهد هذا المجلس لدخول مرحلة انتقالية في مسيرة الحياة السياسية في البلاد، تستطيع بعدها من إرساء أسس العدالة التي ترى أنها غائبة، وتعمل على إصلاح المؤسسات الحكومية التي بلغ منا التردي مبلغة، بفعل السياسات القديمة القائمة على الواسطة والمحسوبية والتوريث.

     قد يكون هذا الطريق طويل، ولكن من المؤكد أنه سيكون الطريق الآمن، والذي سيعزز مصداقية هذه التيارات والحراكات عند المواطن، الذي ينأى بنفسه عن الدخول في سجال هذه التيارات السياسية والحراكات الشعبية مع الحكومة، وإتباع هذا المنهج سيعزز هذه المصداقية  لدى الجميع بشكل ايجابي وقوي.

     فنحن بحاجة ماسة في هذا الوقت للثقة المتبادلة، وبحاجة أيضا لان تكون نظرتنا واقعية، ومطالبنا في حدود الممكن والمتاح، وعدم تعمد استخدام طرائق الإرباك في القرارات والتوجيه، وتأجيج مشاعر الناس، وإخراجها من حالة ضبط النفس والتعقل، لحالة الانفعال والصدام المباشر، فكلفة هذا الانفعال والصدام باهظة على الجميع، فلم تزل دموع الحزن حارة على فقد المقابلة الذي كان من آخر ضحايا الفوضى العارمة، والذي لحق بصحبة ممن قضوا في مثل هذه الصدامات من مدنيين وعسكريين، عداك عن المصابين من أقرانهم.

     فإذا كنا جميعا نبتغي الإصلاح، فنحن بحاجة إلى اتحاد في العمل، وتوحيد في الرؤية، واتفاق على المنهج، وبحاجة لنكون على قدر المسؤولية، لنتمكن من إحراز النجاح، وتفادي المعيقات بدون خسائر.

17‏/11‏/2012

بقعة سوداء


     لازال الموقف من قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات عرضة للجدل بين صواب القرار وحتمية اتخاذه، وبين إمكانية الرجوع عنه تحت ضغط الشعب المدفوع بالعفوية من جهة، وبفعل ضغط التيارات السياسية المعارضة لهذا القرار من جهة أخرى، وفي كل الأحوال يتحمل المواطن الذي اندفع معارضا للقرار بعفوية، نتيجة التخريب الذي لحق بالممتلكات العامة والخاصة، دونا عن الجميع، والسبب في ذلك عدم وجود مرجعية لهؤلاء المواطنون، الذين خرجوا للشارع لتتحدث باسمهم، أو تعرض وتدافع عن وجهة نظرهم المعروفة مسبقا، والتي لا يوجد لديهم شيء يفاوضوا عليه، سوى التراجع الحكومي الفوري عن قرار رفع الدعم، أو لهم الحرية بالبقاء في الشارع، وعلى الدولة أن تتحمل نتائج إصرارها على قراراتها.

     أما بالنسبة للتيارات السياسية، فالناطقون باسمها يشجبون أي أعمال تخريبية، ويتمسكون بحقهم في التظاهر والتعبير عن الرأي، وأي استغلال لموقفهم هذا من قبل أي خارجون على القانون لتنفيذ أعمال تخريبية هم ليسو معنيين به، وهذا الموقف أيضا تشاطرهم به نقابة المعلمين، التي سارعت بإعلان الإضراب عن العمل، لحين تراجع الحكومة عن قراراتها  برفع الدعم، مع أن القرار ليس له صلة بالعملية التعليمية من بعيد أو قريب، إلا أن شريحة المعلمين سيطالهم ما يطال باقي شرائح المجتمع الأردني، وهذا القرار بدورة أدى إلى إحداث مشكلة اكبر من تلك التي اختلقتها الحكومة.

     فإذا كانت الحكومة اضطرت لاتخاذ قرار مصيري حاسم، مدفوعة بضغوط داخلية وخارجية، حتمت عليها الدخول في دائرة التماس المباشر بقوت المواطن، مع الأخذ على عاتقها تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين الأكثر حاجة للدعم، بتقديم دعم مادي يعوض جزئيا فروق الدعم المقدم على المشتقات النفطية، وتحميله جزء من عبء الدعم الحكومي، يصل في نهاية المطاف لتحمل المواطن فرق أسعار عام يقدر بـ 5%، يعتبر مساهمة إجبارية منه مع الحكومة لتجنيبها الوقوع في مشاكل اقتصادية تعجز معها من القيام بالتزاماتها وواجباتها المطلوبة منها، أما المؤسسات الوطنية والشعبية، فقد أدخلت البلاد في دائرة التخريب والفوضى، مع الإصرار على عدم تحمل النتائج أو حتى الاعتراف بالمسؤولية غير المباشرة عنها، على اعتبار أنها من وفر الفرصة المناسبة للمخربين لتحقيق أغراضهم الشخصية، والتي انعكست إلى بقعة سوداء في ثوب هذا الوطن، تمثلت بالقتل، والتخريب، والسرقة، وقطع الطريق.

     المسؤولية في الحفاظ على المكتسبات والمقدرات الوطنية هي مسؤولية الجميع بلا استثناء، فحري بنا جميعا المحافظة على الممتلكات، سواء كانت عامة أو خاصة، فهي في النهاية منا جميعا، ولنا جميعا، والانجرار وراء الفوضى نحن جميعا من سيدفع ثمنه، شعب، وحكومة، وملك.

10‏/11‏/2012

اعلم دولة الرئيس


     اعلم دولة الرئيس أن الفقر ضيف طالت إقامته في ديارنا، واعلم أن العوز سيد الموقف لكثير من رعية الملك، وثق تماما أن التاريخ لن يسجل لك بعد إقدامك على رفع الأسعار أي موقف وطني شجاع، وان سُجل مثل هذا الموقف في سجل المؤشرات الاقتصادية، لتحسين أداء الاقتصاد الوطني، واعلم انك تنتحر سياسيا إذا أطعت أحداً لتنفيذ مثل هذه الرؤى، فما واجهه فايز الطراونه عند تنفيذه لهذا المخطط ستواجهه أنت، مع فارق كبير بينك وبين الطراونه، فالطراونه رجل سلطة، وأداة بيد المتنفذين يوجهوه أينما أرادوا، وخرج من السلطة مهزوما شعبيا، مشكورا من رأس السلطة وبقيت له الحظوة لدى المتنفذين، أما أنت فالمفروض انك من رحم المعارضة، ومن صف الشعب، وعليك ما عليهم، إلا انك وبعد وصولك إلى كرسي السلطة انقلبت عليهم، واعتقادي أن المواجهة بينك وبين الشعب، ستحمل لك يا دولة الرئيس تهمة الخيانة لأحلام البسطاء، وقتل طموحات الشباب الذين تصدح حناجرهم بالمطالب الإصلاحية ومحاربة الفساد، ولن تجد في السلطة من يقول لك أحسنت، أو حتى شكرا عبدالله، بعد انتهاء صلاحيتك لديهم.

      ونجد انه بمجرد جلوسك على كرسي السلطة انقلبت أفكارك، فالشعب الذي عاث الفساد بمقدراته، أصبح مصدر هدر الأموال، والأموال المنهوبة ورموز الفساد تحصن، فأنت تريد معالجة ما أفسده رموز الوطن، من رجال السياسة ،والاقتصاد، والفكر المتقدم، على حساب الفقراء، وتريد أن تخلي مسئولية الدولة من أي كلفة معيشية لهم، وتريد أن تصحح في شهرين ما فسد في عقدين، والمشكلة الأكبر، إن من يقدم لك الحلول، هم نفس من أشار على من قبلك، وأورد البلاد إلى حافة الإفلاس، فبعد أن أفلسوا البلاد وضيعوها اقتصاديا، هاهم اليوم سيضيعونها سياسيا، فهل تعتقد أن البلاد محصنة عن الثورات الشعبية، أم تعول كثيرا على سحيجة الداخلية، بالتلقي لأي مسيرة تخرج غاضبة من كل مكان في هذا البلد، الذي لم يعد فيه مكان محصن من الثورة، إلا عبدون وخلدا ودابوق.

     امضي عبدالله، فالطريق التي تسير بها، وتريد أن تصلح من خلالها، آخرها هاوية، لا تعود منها أنت، ولا من لحقك، أو حتى من دلك إليها، وان كان قبلك خرج فايز الطراونه بقرار الملك تجميد قراراته،وأنقذ ما يمكن إنقاذه، فأنت يا دولة الرئيس ستجد نفسك رجل المواقف الصلبة، ولكن أسهل من كُسر بأنفاس أبطال الثورة، دون أن تصل إليك أياديهم، وستجلس في بيتك لا تُمدح من رجال السلطة، ولا تشكر من أبناء الثورة.

     فعمر حكومتك بقي منه شهرين ونصف، استثمره بتنظيم البيت الحكومي، وتصويب الخلل الإداري في أجهزة الدولة، ودع البرامج الإستراتيجية الكبرى للحكومة القادمة، والتي عسى أن تكون حكومة رشيدة، لا حكومة مصالح، فثقتنا بالمعارضة تزعزعت، مع زعزعت ثقتك أنت لدينا، وانتبه جيدا لما يدار حولك، فالبلاد بدأ الحديث على أيامك أن مساحتها ستزيد الثلث، ولم نسمع منك ما يشير إلى انك تعلم شيئا عن ذلك، وان غاية ما تجزم به انك متأكد، انه لم يرسل لقمع الثورات في الخارج أي جندي أردني، وأخشى ما أخشى أن تكون آخر من يعلم.

07‏/11‏/2012

خبطة جديدة


     اطمئن الشعب الأردني ( الطبقة التعبانة منهم واللي من حالتي)، أن إعلان الإفلاس لن يكون هذه الأيام، وانه وسيكون عند إنفاق آخر قرش في خزينة الدولة، فالحكومة الأردنية فقدت مصداقيتها، وانتهجت منذ البداية مع المواطن الأردني، طريقة ذلك الراعي الذي كان يصرخ في قريته كل يوم بان الذئب هجم على قطيع أغنامه، فيهب الأهالي لتخليص مواشيه من الذئب، ثم يكتشفوا أن الراعي يكذب عليهم، وبتكرار العملية أكثر من مرة، فقد هذا الراعي مصداقيته، وفي المرة التي لحقت وناداهم مستغيثا لتخليص ماشيته من الذئب وهو صادق، ما كان من أهل القرية إلا أن أهملوا استغاثته، وكانت النتيجة فقده ماشيته.

     والحقيقة أن قصة الراعي هذا استوعبتها الحكومات المتعاقبة في بلادنا، وعملت كعمل الراعي، فأخذت تقول بأنها عاجزة عن الاستمرار بدعم قسم كبير من مؤسساتها فأخضعتها للبيع باسم الخصخصة، وبدل أن تحل المشكلة تفاقمت، وأصبحنا بعد الخصخصة نولول من عجز الموازنة، ونغرد بضرورة رفع الدعم عن المشتقات النفطية والكهرباء، ثم سيأتي دور الخبز خاصة، والغذاء عامة، ثم يأتي بعد ذلك من يقول أن عجز الموازنة سيتخطى حجم الإيرادات والمنح والمساعدات ( إعلان إفلاس لكن بكلام اقتصادي مرتب خوفا على المواطن المعدم من الجلطة).

     ثم بعدها بقليل، يسرب خبر بنزول طائرات محملة بمليارات الدولارات دفعة واحدة للأرصدة الأردنية ( ليس بالضرورة وزارة المالية، وأكيد البنك المركزي ليس المكان الآمن لإيداعها، فمؤسسات الدولة عبارة عن قربة مخزوقة، ولكن سلامة الموجودين صحت لهم خبطة جديدة من خبطات العمر) ينفيه دولة الرئيس مباشرة، بقوله انه لا يوجد أي مشاركة أردنية، لأي فرد من قوات الدرك في أي أعمال قمعية للثورات في أي بقعة خارج الأردن (ممكن نصدق الخبر، لان قوات الدرك كانت يومها مشغولة بالجفر، لتنفيذ حملة أمنية، وكان كل الجنرالات حاضرين ومجتمعين على طعام الغداء بالقاعدة الجوية).

     والحقيقة أننا من فرحتنا بالخبر، أخذنا نسب على البراك، الذي بارك لنا بقدوم المليارات، فالبراك والشعب الكويتي يطالبون شيخهم بإجراء إصلاحات كباقي إخوتهم في الدول العربية، إلا أن تعنت شيخهم عاد على الأردن بمليارات الدولارات ( طبعا الخبر ممكن أن لا يصدق، لكن هذه دنيا وكل شي يمكن حدوثه، واحتمال أن مجلس النواب القادم يغلق ملف هذه المليارات، إن سرب أنها قدمت للأردن، وينفي وجود أي شبهات فساد بالموضوع) فالبراك غضب على استضافة الكويت لربعنا من قوات الدرك، وقال (يعني إذا ضربني عسكري كويتي أقول اخوي معليش) لكن ماذا أقول لأم العيال إذا ضربني أردني، وسألتني ( شو جيبهم علينا بالكويت).

     لكن أيعقل أن لنا الحق أن نغضب على البراك ونحن من ذهب لضربة في بلده، وهل لو حدث مثل هذا الحدث في الأردن، وتم استقدام عسكريين لفض المظاهرات عند الجامع الحسيني من أي بلد، هل سنغضب كأردنيين وأهل البلاد، أم نقول يا أهالا بوجوه الأقارب! ونغلق قاموس المفردات الأردنية، الذي يستخدم في مثل هذه الحالات، ونتعهد بعدم فتحه؟.

22‏/10‏/2012

عفو ملكي عاجل


     من المقرر أن جلالة الملك سيلتقي اليوم في الديوان الملكي، بمختلف الفعاليات الشعبية، وهذا لقاء طيب في أيام مباركة وفي ظروف استثنائية، فاقتصاد البلاد ينحدر سريعا نحو الهاوية، نتيجة عوامل متعددة أدت إلى الوصول لهذه الحالة، وتحتاج إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان، فالحكومة تدرك تماما حساسية أي قرار يمكن أن يكون له آثار سلبية على الأوضاع المعيشية، التي تبدو متعسرة على كثير من أفراد الشعب، الذين أرهقتهم تكاليف المعيشة، وأصبحت القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية من الضروريات، أمر يصعب تحقيقه لدى الكثيرين.

     وفي الوقت نفسه تعجز الحكومة عن تقديم أي دعم للمواطن، نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها من جهة، ونتيجة للظروف المختلفة التي تنعكس آثارها على المملكة، نتيجة الصراعات التي تفرض نفسها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص الأوضاع في سوريا.

     و المشكلة أيضا تتزايد، نتيجة إقحام الحكومة نفسها في محاولة الحد من التجاوزات الفردية، بتأطير قوانين ناظمة جديدة، ليست ظروف المرحلة الحالية مناسبة لها، بل إن إصدار هذه القوانين في هذا الوقت يعتبر تجاوز من الحكومة على الحريات، وكمثال على ذلك قانون المطبوعات وتعديلاته، فكان بإمكان الحكومة الاعتماد على التشريعات التي كانت متاحة، وإرجاء مثل هذا القانون للوقت المناسب، بدل خلق حالة من التوتر وعدم الرضا بين الأوساط الشعبية والمؤسسية المختلفة.

     ومن القضايا الحساسة التي ورثتها حكومة النسور، قضية المعتقلين الشباب، التي تصدح الحناجر بالمطالبة بالإفراج الفوري عنهم، رغم حدة الشعارات التي كانوا يتبنونها، ولا يزالون مصرين على تبنيها والمناداة بها، والتي تقف الحكومة بأجهزتها المختلفة وقفة حاسمة حيالها، إلا إن وقفتها هذه في نظر الفعاليات الشعبية، وقفة قاصرة وعاجزة، لان النتيجة الطبيعية لها، تزايد أعداد مناصري المعتقلين، وتبنيهم لنفس تلك الأفكار والشعارات المحرمة، وعدم التردد من إطلاقها وباللحن الغنائي، عند انطلاق أي مسيرة شعبية.

     وكنتيجة طبيعية للقاء الذي سيجمع الملك بمختلف الفعاليات الشعبية، ستكون النتائج مخيبة للآمال من هذا اللقاء، إذا لم تكن من الملك مبادرة بالعفو عن المعتقلين السياسيين والشباب فورا، وفي نفس الوقت لا نتوقع أبدا أن هذا العفو، سيكون معناه أن إطلاق الشعارات خلال المسيرات القادمة، سيتوقف عند حد معين، فالعفو الملكي إن تم، لا يعني اندراجه تحت مثل ( إذا أكرمت الكريم ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمردا)، ولكن الشيء المعلوم والمؤكد، أن حالة إطلاق الشعارات المزعجة، للحكومة والقصر، هي حالة طبيعية في هذه المرحلة، رغم خطورتها وانفلاتها، و ستبقى دائما خارج نطاق السيطرة، وعرضه للتكرار باستمرار.

21‏/10‏/2012

أي أراضي أردنية


     لا احد ينكر وجود فلسطين على الواقع، ولا يجهل احد بان فلسطين هذه دولة محتلة من العدو الإسرائيلي، وأيضا لا يجهل احد بان القوة الإسرائيلية تفوق إمكانيات الصمود العربي في وجهها، عدا عن كونها حليف قوي لأمريكا ودول العالم الغربي وروسيا، ومن المسلم به أيضا أن القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، ولو قولا باللسان من غير أي عمل جدي على ارض الواقع، فالدول المحيطة بالدولة الفلسطينية المحتلة، دول مسالمة ووديعة إلى ابعد الحدود، عند التفكير باستخدام القوة ضد إسرائيل، فعند زعمائها قدرة إقناع كبيرة على تغليب حسابات المنطق، وترجيح الحل السياسي على اعتباره الحل الأمثل، لحل القضية الفلسطينية.

     هذا كله ما اعتادت القيادات العربية إقناع نفسها به، وكانت تروج له بين الشعوب العربية كافة، حتى تأمل الناس بأوسلو الحلول والفرج، وكاد المواطنون الفلسطينيون المهجرين من بلادهم، أن يحزموا حقائبهم وأمتعتهم، استعدادا للعودة إلى أراضيهم المحتلة، بعد أن صُور لهم أن محادثات السلام ستعيد لهم ما اخذ منهم بالقوة.

     ولكن سبحان الله بعد عشرات السنين من المفاوضات والآمال الخائبة، يزور الأمير الحسن نابلس، ويزف البشرى لنا بان أوسلو حلم استيقظ منه العرب، وتذكر الأمير أن الضفة الغربية أراضي أردنية محتله، وان الأردنيين كانوا متناسيين ملكيتها، وان الإرادة الشعبية الفلسطينية باستعادة أراضيهم، وإنشاء دولتهم المستقلة كانت من أحلام اليقظة، ولن تكون بعد الآن، فماذا جد على الأمير المفكر بعد قرابة ربع قرن، للعودة مجددا بالحديث عن الوحدة الأردنية الفلسطينية، واستذكار مشاعر الحزن والدموع التي ذرفت عند قرار فك الارتباط تلك الأيام.

     وعلى الرغم من حساسية الحديث أو الكتابة عن العلاقات الأردنية الفلسطينية على المستوى الشعبي، لأن التهمة موجودة بإثارة النعرات والكراهية، وتأجيج مشاعر التفرقة بين الشعبين المتلاحمين، وان الحديث يبعث على الكراهية وإثارة الفتن، إلا انه لا بأس من بيان موقف من يقف في صف قرار فك الارتباط والمطالبة بدسترته، فالمؤيد لهذا القرار يرى أن فلسطين للفلسطينيين، وان الأردن للأردنيين، وأي محاولة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، فمعناه تخلي صريح عن فلسطين وتركها للصهاينة، وهذا معناه الخيانة والانهزام، فهل إعادة ضم ما تبقى من الضفة الغربية للأردن، سيكون محفز لصاحب القرار الأردني على العمل الجاد على تحرير الأراضي المحتلة من إسرائيل، وإذا كان ذلك ممكن فلماذا الانتظار عن فعل ذلك، أم هي فقط كلام جديد وبطريقة جديدة للمباركة لإسرائيل بان كل ما استولت عليه لن ينازعها علية احد، فالفلسطينيون سيستبدلون مشاهدة القوات الإسرائيلية بمشاهدة قوات الجيش والأمن الأردني، وسيوفر الإسرائيليون تكاليف ضبط الحدود، بين ما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي سيعيدونها للأردن، وتلك التي ستبقى تحت احتلالهم، وبذلك تظهر إسرائيل للعالم بالدولة المحبة للسلام، والتي قبلت بالحل السلمي لإنهاء الصراع في المنطقة، وحينها نكون نحن قد خرجنا من قيود سايكس بيكو، إلى الوقوع في طامة حسنياهو الجديدة.

     ثم يأتيك من يقول كيف تفرق بين أردني وفلسطيني، وكيف تفرق بين شرقي وغربي، وكأننا نعيش في عالم خيالي، ونتناسى الواقع والحقيقة، فمن ينكر على الفلسطينيين أصولهم الفلسطينية، أو ينكر على الأردنيين أصولهم الأردنية، إما أن يكون لا يدرك ماذا نقول، أو أن بيننا وبينه خلاف عميق في استخدام الألفاظ، يأخذها بحساسية الزئبق، ونأخذها نحن على مقياس رختر.

15‏/10‏/2012

فلنبدأ من حي الطفايلة


     إذا لم يكن انطلاق الإصلاح من حي الطفايلة، فان الأمور ستسوء في فترة وجيزة، فسكان حي الطفايلة من الشرق أردنيين الأصليين، وأي حديث عن التخوين لهم، لن يكون محل تصديق احد، واتهامهم بالعمالة لأي جهة خارجية، سيكون محل سخرية الجميع، ومجرد التفكير باتهامهم بالحصول على دعم خارجي لإثارة الفوضى في المملكة، سيكون شطح من الخيال، يعجز عن تصديقه حتى أصحاب فكرته.

     قد تكون أكثر القضايا حساسية التي تثار في حي الطفايلة، هي مسألة استمرار اعتقال ناشطي حراك الطفيلة، والتي اتخذتها الحكومة لمحاولة الحد من إطلاق شعارات، تعرف بالعرف الأمني الأردني، بالشعارات التي تجاوزت الخطوط الحمراء، إلا أن نتيجة اعتقال شباب الحراكات، أدت إلى إيصال الوضع الأمني في الحي للخطوط الحمراء، فالمسيرات التي تخرج كل ليلة، وأيام الجمع، والتي يتم فورا تصويرها وتحميلها على موقع اليوتيوب، والذي يحفل بمتابعة كبيرة لكل تسجيل يتم تحميله، تحمل في طياتها إطلاق شعارات تفوق تلك التي تم زج نشطاء الحراك في السجون بسببها، وتطورت الأحداث سريعا، وصولا إلى مسافات يصعب على القوى الأمنية تدارك آثارها السلبية، والتي يتزايد خطر انتشارها إلى خارج حدود حي الطفايلة بسبب العناد الأعمى، وعندها ستكون الكارثة التي نتمنى أن لا نصل إليها، وعندها أيضا ستكون الشعارات التي تنطلق من حي الطفايلة، وقود لنار إعلامية ستدمر كل ما بُني في العقود الماضية، ولن تقوم لنا قائمة لعقود طويلة قادمة، فحل مشكلة المعتقلين ضرورة وطنية والإفراج عنهم مسألة في غاية الأهمية، ولا تحتمل التأجيل والمماطلة، أو التسويف وإطلاق الوعود.

     وندرك تماما أن الأمن والحكم الهاشمي، هما مجدافا قارب النجاة للأردن، والظروف التي نعيشها، وتصارع أعاصير التغيير فيها دول المنطقة، تفرض علينا المحافظة على مجدافينا، وإلا ستحل بنا كارثة نعجز عن تحمل نتائجها، فالأمن مرتبط بأجهزة الدولة بشكل مباشر، والتي يجب أن تعي القيادات الأمنية والسياسية تماما كيف تحافظ علية، وإلا فان نتيجة أي خطأ ترتكبه سيكلفنا كثيرا، بل سيكلفنا مالا نطيق.

      أما الحكم الهاشمي، فمرتبط بالملك شخصيا، والذي نرجو أن يتخذ أعوان على قدر من المسؤولية والقوة والأمانة، لان أي خطأ لأي منهم ستنعكس نتيجته مباشرة على مقدار الرضا الشعبي عن الملك، كما وان من القضايا الحساسة التي تسعر مشاعر الغضب في حي الطفايلة، وباقي مناطق المملكة، استقواء رجال الملك على مفاصل الدولة، وتنفذهم على كل المستويات، واستفحال الفساد، وعجز القانون عن ملاحقة الفاسدين منهم، وتبنيهم أراء، وقيامهم بأعمال، وتصريحهم بأقوال، تثير أفراد المجتمع، لا بل يستهدفون من المجتمع أكثر أبناءة ولاء للملك، وهم أبناء العشائر، فالحديث عن توطين الأشقاء الفلسطينيين تصريحا أو تلميحا، معناه إعلان الحرب على العشائر، التي تقف من هذه الأفكار على طرف نقيض، وتراه أمر غير قابل للنقاش أو حتى للإثارة، وتنظر لكل من يتبنى هذا الفكر، بغض النظر من مكانته، أو وظيفته، أو قرابته، بالعميل للكيان الصهيوني، الذي يريد حل القضية الفلسطينية على حساب تضييع حقهم بالعودة، أو حتى الاعتراف بكيانهم الشخصي واستقلاليتهم، والسعي لإذابتهم بالمجتمع الأردني، أو إذابة المجتمع الأردني بهم، والنتيجة عندهم واحدة.

      نطلب من الملك إغلاق الأفواه التي تطالب بإثارة الفتنة، وتقديم اعتبارات الحفاظ على الأمن والحكم الهاشمي، على أي اعتبارات أو فروض دولية، فالشعب يستميت بالدفاع عن الحكم الهاشمي ما دام في صف الشعب، و عندها لن يكون بحاجة إلى إيجاد أي حليف جديد للحفاظ على الحكم.

10‏/10‏/2012

وأخيراً عبدالله


     رئيس وزراء قوي وأمين ولكن خياراته محدودة جدا، هذا هو حال دولة رئيس الوزراء الأردني، المكلف بإدارة مرحلة الانتخابات النيابية القادمة، فقانون الانتخاب نافذ، ومجلس النواب منحل، وقانون الطوارئ مجرد التفكير باستخدامه ليوم واحد فقط لتمرير قانون انتخاب مؤقت، يعتبر قرار محرج جدا للمعارضة، والحكومة، والملك على حد سواء، وان كانت نتيجة استعماله قد تؤدي إلى ضمان معدلات مشاركة كبيرة في العملية الانتخابية.

     وعلى الرغم من ذلك، يبقى للإرادة الملكية بتكليف الدكتور النسور، وقع طيب في نفوس الأردنيين، فالرجل صاحب مواقف جريئة وثابتة للمطالب الإصلاحية، وصاحب رؤية واضحة في أولويات السلطة والقيادة، تجعل منه الرجل الأكثر قبولا لدى الجماعات الإسلامية، ومختلف الفعاليات السياسية والحزبية الأردنية الأخرى، كما ولكونه مطلع بشكل كبير على واقع الحياة السياسية والاقتصادية لكل أطياف الشعب، ومعاصر لها، ومدرك لانعكاساتها على كل فئات المجتمع، علاوة على السمعة الطيبة التي يتحلى بها الرجل شخصيا، ونظافته، ونزاهته، من أي تورط بأي ملف من ملفات الفساد، التي تلطخت بها سمعة كثير من رجال الدولة، وكبار موظفيها، تجعله أيضا الرجل الأكثر قبولا لدى الشارع الأردني بمختلف أطيافه، سواء الموالية بالولاء المطلق للملك، أو تلك الفئات الشعبية التي تنظر للفعاليات الحزبية الأردنية بعين الخوف منهم والشك بحسن نواياهم، فالرجل محل ثقة الجميع، وانه من الرجال الذين كان منتظر منذ زمن طويل توليهم مثل هذه المهمة.

     وفي ضوء ذلك فقوة الرجل وعزيمته على المحك، فقدرته على إقناع الأحزاب والتيارات السياسية المُقاطعة للانتخابات بالعدول عن قرار المقاطعة، في ظل قانون الصوت الواحد الحالي، على الرغم من صعوبتها، إلا أنها ممكنة في حال تقديم ضمانات جدية وكافية بنزاهة العملية الانتخابية، وكف يد الأجهزة الأمنية عن العملية الانتخابية بكل مراحلها، ولجم الإعلام الرسمي عن التحريض ضد الجماعات الإسلامية، فهذه الوسائل ستكون مشجعة لجبهة العمل الإسلامي ومحفزة على المشاركة، لا سيما وإنها في مثل هذه البيئة المناسبة، ستتمكن من تحصيل عدد مناسب من المقاعد النيابية، يحقق لها القوة والتأثير في قرارات المجلس النيابي، وتبقى معضلة مجلس الأعيان، والتي من الممكن أن تعالج خلال فترة عمر المجلس النيابي، التي أصبحت القيود في طريق قرار حله أكثر تعقيدا من قبل، لكون الحكومة خلال هذا الاستحقاق ستشكل بموجب رؤية جديدة تتماشى مع التركيبة النيابية التي ستفرز من خلال انتخاب أعضاء المجلس النيابي حسب الوعود الملكية.

     ننتظر من دولة الرئيس تسمية طاقمه الوزاري، الذي سيساهم مع دولته في اجتياز مرحلة حرجة من مراحل التغيير السياسي الأردني، في ظل ظروف اقتصادية عصيبة تمر بها المملكة، وحالة من عدم الرضا الشعبي عن أداء كثير من مؤسسات الدولة، انطلاقا من مؤسسة القصر، التي لن يستطيع عمل أي شيء حيالها، أو كبح نفوذها، مرورا بهيئة مكافحة الفساد - وطول بالها- أو انتكاسة الخدمات البلدية في كل المحافظات، والحد من القبضة الأمنية والتعصب في معالجة الأزمات برؤية الرجل القوي، وعدم إتاحة الفرصة للمهنية الأمنية، في اتخاذ فرصتها في معالجة المشاكل وحل الأزمات.

     المطلوب من دولة الرئيس العمل على تحقيق طموحات أبناء الشعب الأردني، لأن فشل دولته في هذه المرحلة سيكون ضربة قاضية للإصلاح في المملكة، وان كبا بك جوادك دولة الرئيس، فسنكبو كلنا في هذا البلد، فلا نريد أن نكون صورة عن مصر، ولا نريد أن نكون انعكاس عن سوريا، نريد أن نكون متميزين، بقيادة هاشمية، وتدفعنا إرادة شعبية.

03‏/10‏/2012

الإعلام ونشر الكراهية


     على مدى الشهور التي مرت، وارتدت فيها البلاد حلة الربيع العربي، اكتسب يوم الجمعة من كل أسبوع خصوصية إحياء متجدد للمسيرات المطالبة بالإصلاح، ومحاربة الفساد، والمحاولة الدائبة على ثني الحكومة عن اتخاذ أي قرارات ممكن أن تنعكس آثارها على مستويات المعيشة للمواطنين، ولا ينكر احد أن هذه المسيرات استطاعت أن تحقق نتائج مرضية لفئات الشعب المختلفة.

     إلا أن مسيرة 5 / 10، والتي حشدت لها جماعة الإخوان، وعدد من الأحزاب السياسية والفعاليات الشعبية، كل طاقاتها للوصول إلى اكبر عدد ممكن من المشاركين، لم ترق للحكومة، ولرعاة الإعلام الرسمي، التي تصب أفكارهم ووجهة نظرهم في التشكيك بحسن النوايا لمنظمي هذه المسيرة، وإظهارهم بأنهم دعاة فتنه وتفرقة بين أبناء الأردن، وكأن الأمر يعني أن كثرة المشاركين العددية، تعني خطر عظيم لا يمكن تفادي تبعاته ونتائجه في أيام الجمع اللاحقة.

     فاستطاع الإعلام الرسمي سواء كان بالصحف، التي أصبحت المواقع الالكترونية أكثر موضوعية وحياديه منها، لكونها خارج قبضة الحكومة، أو كانت الهجمة بالإعلام المسموع، من خلال القنوات التلفزيونية، أو الإذاعات، ومن خلال برامجها المشهورة، التي جُندت لمحاولة الترهيب من المشاركة في مسيرة الجمعة، وإظهار المسيرة بأنها تهدف لتحقيق أجندة خارجية بأيدي أردنية، والتي اخذ الحماس بمقدمي البرامج في تلك القنوات والإذاعات إلى أن يكونوا قضاة يحكمون بلا حكمة، واستخدموا الأداة الإعلامية المتاحة لهم كسلاح للطعن بوطنية دعاة مسيرة الجمعة، وصناعة أجواء من الكراهية لهم، وتحريض المواطنين عليهم، من خلال فوضى إعلامية عارمة، أطلق فيها العنان للسادة الإعلاميون الذين زايدوا على الناس بالوطنية، فاخذوا يعيبون الناس بما هو عيب فيهم، بعد فرط الحماس لديهم وإسهابهم في ذم الناس وتحقيرهم، متجاهلين أن المواطن مشحون بالكراهية للسياسات الحكومية، وانه أصبح يفقد الثقة بكل المسئولين والساسة والرموز، بل وان المواطن يعي جيدا أن التصفيق والتسحيج كلام فارغ لن يأتي بخير على احد.

     نحن نطلب من السادة الإعلاميون في كل مواقعهم، عدم نشر الكراهية والفوضى بين الناس، بل ندعوهم للقيام بواجبهم الفعلي، وهو نشر التوعية والتثقيف للجميع، ومعالجة الأمور بالموضوعية والحكمة، وانتهاج الحياد، فانتم في مقام عام لخدمة العامة، وإذا أراد أحدكم التعبير عن رأيه الشخصي فلا مانع، ولكن ليس على وسائل إعلام العامة، لأن استغلال الوسائل العامة للأغراض الشخصية، ضرب من ضروب الفساد الذي يجب محاربته، فأيها السادة الإعلاميون الذين فقدتم حياديتكم، لا تعروا الناس وتنثرون بذور الكراهية بينهم، لان أول قطاف عملكم وحصاده سيكون فقدكم لمصداقيتكم، وهيهات النجاح لإعلامي فقد مصداقيته بين جمهوره ومحبيه، فالرجاء لكم ومنكم بالتوقف عن صناعة الفوضى، ونشر الكراهية بين أبناء الوطن، وعودوا لمهنيتكم وحافظوا على مصداقيتكم التي بدأت تنفذ أرصدتها منكم وانتم لا تشعرون.

30‏/09‏/2012

يوم ويمر


     ماذا سيحدث لو قامت مديرية الأمن العام بالمراقبة عن بعد لمسيرة يوم الجمعة 5-10-2012، التي تحشد لها جماعة الإخوان بكل طاقاتها، وان تعمل الأجهزة الأمنية في نفس الوقت، على منع دخول أي مسيرات مناكفه ضمن خط سير المسيرة الحاشدة المزمع تسييرها، لمنع حدوث أي صدام في ذلك اليوم، حرصا على سلامة الجميع.

     فالمسيرة الإخوانية سلمية، غايتها التعبير السلمي عن مشاعر الاحتجاج على السياسات العامة في الدولة، والإصرار على تحقيق المطالب السياسية، التي تطالب بها مختلف الفعاليات السياسية و الشعبية، التي اشتغلت بالعمل السياسي، وترى انه من الضروري العمل الجاد على تحقيقها، بعيدا عن لغة التشكيك بالنوايا، وتبادل الاتهامات بالعمالة، التي أصبحت توجه لجماعة الإخوان لا بل ولكل الأحزاب الإصلاحية والفعاليات الشعبية الأخرى، والتي تزايد نشاطها السياسي مع انطلاق الحراكات الشعبية العربية، لمجاراة الربيع العربي في دول الجوار، والتي بدأت عفوية منطلقة من الشارع في شرارتها الأولى، والتي سرعان ما أصبحت تلفها الأحزاب السياسية بعباءتها، وهو الأمر الذي ربما كان سبب رئيسي لعزوف كثير من الشباب للانخراط في هذه المسيرات الإصلاحية.

     صحيح أن الحراكات الشعبية بمختلف فعالياتها طالبت بتعديلات دستورية، فردت السلطة بتعديل 43 مادة من الدستور، واستثنت المواد الثلاث التي طالبت بها الفعاليات الشعبية على وجه الخصوص، وهي المواد 34 و 35 و36 من الدستور، على اعتبار أن أي تعديل على أي من هذه المواد يعتبر مساس بصلاحيات الملك، وهذه هي الشماعة التي يعول عليها كثير ممن يعارض إجراء إصلاحات حقيقية على المستوى السياسي للبلد.

     فنصوص المواد الثلاث مدار الحديث ونقطة الخلاف كالآتي: المادة 34 :1- الملك هو الذي يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون.(وهذه الفقرة لا خلاف عليها). 2- الملك يدعو مجلس الأمة إلى الاجتماع ويفتتحه ويؤجله ويفضه وفق أحكام الدستور. (وهذه الفقرة أيضا لا خلاف عليها). 3- للملك أن يحل مجلس النواب.( وثالثا هذه تطلب جماعة الإخوان والأحزاب السياسية استبدالها بنص يحصن المجلس من الحل، ما دام أن هذا المجلس منتخب من الشعب، ويمثل إرادتهم، ولكي لا يكون حل المجلس مرتبط بالمزاج أو الرغبة، ثم أن هناك كلفة اقتصادية كبيرة تترتب على حل المجلس، وإجراء انتخابات جديدة يتحملها الاقتصاد الوطني، علما أن حل المجلس وفق هذه الفقرة أيضا محدد حسب الدستور بآلية واضحة وليست مطلقة لجلالة الملك، ولكنها عرضة لهيمنة السلطة المطلقة في حال كان رئيس الوزراء معين، وينظم هذه الآلية دستوريا المواد 30 و40 و49 و51 من الدستور. 4- للملك أن يحل مجلس الأعيان أو يعفي احد أعضائه من العضوية. (وهذه الفقرة أيضا لا خلاف عليها بما يتوافق مع ثالثا).

المادة 35:الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته، ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم، بناء على تنسيب رئيس الوزراء.( وهذه المادة تطالب جماعة الإخوان والأحزاب الأخرى بتعديلها، بحيث تنص على أن يتم تكليف حزب الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة، ما دام أن اختيار النواب كان من الشعب، وان المجلس النيابي يمثل الشعب، وان هذا المجلس هو الجهاز الرقابي على أداء الحكومة).

المادة 36: الملك يعين أعضاء مجلس الأعيان، ويعين من بينهم رئيس مجلس الأعيان ويقبل استقالتهم. ( وهذه المادة ترى جماعة الإخوان وباقي الأحزاب السياسية والفعاليات الشعبية ضرورة تعديلها، بحيث يكون اختيار الأعيان وفق انتخابات شعبية، أو على الأقل انتخاب نصف عددهم، أو حتى تقليص عدد الأعيان من الأصل).

     أما فيما يتعلق بقانون الانتخاب، فالتجربة على مدى الدورات النيابية السابقة أثبتت أن قانون الانتخاب المبني على نظام الصوت الواحد لن يكون بمقدوره إنتاج مجلس نيابي حزبي، وان أقصى ما يمكن إفرازه هو مجلس نواب خدمات، يعجز عن الصمود في وجه أي قرارات حكومية، ونتيجة الإصرار على إبقاء الصوت الواحد، وتطعيم القانون بمقاعد للقائمة الوطنية، كتغيير شكلي وتنازل إعلامي عن مبدأ الصوت الواحد، قررت جماعة الإخوان وكثير من الأحزاب السياسية مقاطعة الانتخابات، التي لا يزال الأمل بإجرائها نهاية هذا العام من ضروب المستحيل، الأمر الذي جعل من التسجيل للانتخابات واستلام البطاقات الانتخابية أمر لا يستحق كثير من الاهتمام في نظر الكثير من المواطنين، الأمر الذي تطلب تمديد فترة التسجيل للانتخابات لمرتين على التوالي.

     وعودا على موضوع مسيرة يوم الجمعة فإنها ستمر على خير وبدون مشاكل، إذا تمكنت الأجهزة الأمنية من منع تواجد مسيرة مناكفة للمسيرة التي دعت إليها جماعة الإخوان، والمطلوب ممن يتحدث على أثير الإذاعات الأردنية المختلفة من الإعلاميين، احترام كل فئات الشعب، وعدم التشكيك بنوايا الآخرين، وعدم التحريض ضدهم، فلغة إثارة الفتنة أصبحت واضحة وعلنية، تنطلق من أفواههم وتسمم أجواء ونفسيات المواطنين كل صباح، فيتغنون بالوطنية ويحرضون فئات الشعب على بعضه، ومنهم من يجزم بقدرته على حشد مليون من المواطنين لمناكفة مسيرة الخمسين ألف، فالمطلوب من الجميع درء الفتنة لا إثارتها، ليرسو المركب بسلام بعد العاصفة.

25‏/09‏/2012

هاوية الإفلاس


     أدت السياسات الحكومية الفاشلة في إدارة مشاريع التنمية الاقتصادية المستدامة، التي تبنتها على مدى العقود الماضية، إلى وجود تشوهات في بنية الاقتصاد الوطني، والتي تبدو واضحة بجلاء في هذا العام، والتي ستنعكس أيضا على الأوضاع الاقتصادية للبلاد خلال الأعوام القادمة، والتي إن بقيت معدلات التراجع في أداء الاقتصاد الوطني على هذه الوتيرة، فستكون المملكة على حافة الإفلاس، ولن تكون الحكومة قادرة على تلبية احتياجات المواطنين الأساسية، ولن تكون قادرة على دفع رواتب الموظفين، مهما ستكون عبقرية الإدارات العليا للدولة آنذاك فذة ومتمكنة، عداك عن أن واقعها وميزتها الآن، المحسوبية والواسطة والشللية، كأساس متين بنيت عليه.

     فمن المؤكد أن الفساد الإداري كان له الدور الكبير في إيصال البلاد إلى ما وصلت إليه، فقد تم التضحية بالمؤسسات والشركات التي كانت تشكل مورد مالي دائم للخزينة، بعد أن أدت إلى إفشالها الإدارات الضعيفة، والتي تكشف ضعفها بالنجاحات التي حققتها هذه المؤسسات والشركات بعد انتقال ملكيتها للقطاع الخاص، فالاتصالات والفوسفات خير دليل على ذلك، ومع ذلك فالمؤشرات الاقتصادية لا تبعث على التفاؤل أبدا، فإيرادات الدولة والتي يزيد عن ثلاث أرباعها يعتمد على الإيرادات الضريبية، وعلى الرسوم المختلفة، والتي بطبيعتها تتأثر بالنشاط الاقتصادي العام للدولة، والربع المتبقي من الإيرادات، يأتي من عوائد أسهم الحكومة في الشركات، أو من المنح، ومصادر أخرى هشة، لا يمكن التعويل عليها لأغراض إنعاش الاقتصاد الوطني.

     ولكي تتمكن الحكومة من البقاء والاستمرار بكيان الدولة، يتوجب عليها إيجاد حلول لتوفير مصادر إيرادات دائمة تغطي حجم النفقات، وسداد المديونية التي أصبحت تقترب من حدود تشويه السمعة الإتمانية للمملكة، وعليها أيضا أن تراعي حالات الغليان الشعبي، والحساسية العالية من أي قرار يستهدف رفع الأسعار، أو فرض مزيد من الضرائب، أو حتى رفع الدعم الحكومي للسلع الأساسية.

     ومن هنا فيبقى أمام الحكومة تحمل أعباء تفوق قدرتها، وتدفعها إلى البحث عن حلول مؤقتة وأخرى دائمة لمعالجة الكارثة المالية المحتملة، فالطريق الوحيد أمام الحكومة للنجاة، هو العمل على محاربة الفساد واسترداد المال العام، و ترشيد الإنفاق الحكومي، و استغلال ثروات البلاد الطبيعية كالصخر الزيتي و اليورانيوم بشكل امثل، وفرض رسوم التعدين على الشركات بحيث تكون عادلة لصالح خزينة الدولة، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع الإنتاجية، وفتح المجال للدخول في تنافس حر لمشاريع تزويد البلاد بالطاقة، وكسر الاحتكارات في هذا المجال، والعمل على استقطاب رؤوس الأموال العربية، التي من الممكن أن تسهم بتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وفتح المجال أمام إيداع الأموال العربية في البنوك الأردنية، لقاء استخدامها لأغراض التنمية الاقتصادية، من خلال دعم المشاريع التجارية والصناعية والزراعية وفق نظام المرابحة الإسلامي، الأمر الذي سيشجع على الإقبال على العمل، وبالتالي زيادة الناتج المحلي، وتعافي الاقتصاد الوطني، وان أي تأخير في إعداد برامج إنقاذ الاقتصاد الوطني، يعني السير سريعا نحو هاوية الإفلاس التي إن وصلت إليها البلاد -لا سمح الله - لن تتمكن من الخروج منها بسهولة.

17‏/09‏/2012

القابعون خلف القضبان


     في العام 2006 أمر جلالة الملك بإغلاق سجن الجفر، الذي أُسس عام 1953، في سابقة تسجل للملك بإطلاق الحريات العامة، على اعتبار أن سجن الجفر كان مشهورا بأنه معتقل السياسيين و المعارضين، وفي نفس الوقت يعتبر سجن الجفر طريق المعارضين إلى كراسي السلطة، فكان معروف عن الملك الحسين انه يكافئ المعتقلين السياسيين، بعد غسل أدمغتهم فترة اعتقالهم في سجن الجفر بالمناصب الحكومية.

     ومنذ هذا القرار الملكي ونحن نسمع بأن الأردن البلد الذي لا يوجد به معارضة، ولا يوجد به معتقلين على خلفية قضايا سياسية، إلى أن اجتاحت المملكة عواصف الربيع العربي، التي أثبتت أن قدرة النظام السياسي في البلاد تعجز عن تحمل نتائج وتبعات الديمقراطية المفروضة عليه، سواء كان هذا الفرض من خارج الحدود لإكساب السلطة احترام العالم إعلاميا، أو كان هذا الفرض من الداخل بسبب تزايد النشاط السياسي للفئات الشابة التي باتت تصر على انتزاع حقوقها من براثن الفاسدين، الذين طالت أيديهم كل مقدرات البلد، فجعلوا المملكة كالبيت الخرب المهجور، ولم يبقوا لأهله مورد مادي إلا جففوه، فبيعت ثروات الوطن باسم التصحيح الاقتصادي، وزادت المديونية وتفاقمت بتبخر أموال القروض التي استقرضت لتحسين البنية التحتية لجذب الاستثمارات، فكانت تنجز مشاريع البنية التحتية بكلفة تفوق قدرة الاقتصاد الأردني على استرداد تكاليفها الاقتصادية، أو حتى المحاسبية على المدى المتوسط أو البعيد.

     وأدت المظاهر الاستفزازية التي ولدتها أربع حكومات عاصرت فترة الحراكات الشعبية، التي توشك على الاقتراب من إتمام عامها الثاني، وساندت الحكومة فيها رئاستان لمجلس النواب، وتقلب عام في التعامل الأمني بين ناعم وخشن، إلى توليد ضغط متزايد على مشاعر المحتجين في الشوارع، وسدت في وجوههم كل الطرق التي من الممكن أن تفضي لحلول معقولة، للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، فكان من شباب الحراك للرد على التهميش وعدم المبالاة الحكومية، أن لجئوا انتهاج أسلوب التجاوز الصريح وإطلاق شعارات كانت تصنف بأنها محرمة في العرف السياسي، ومقيدة بخطوط حمراء، والانطلاق من عقال التقليد والعرف السياسي التبعي، إلى الفضاء السياسي الحر، الأمر الذي جعل من الحكومة تعود إلى لغة الترهيب وأساليب الاعتقالات، وتقييد الحريات بطرق فنية في نظر الحكومة، ومكشوفة في نظر المواطن الذي بدأ يتزايد سخطه على كل مكونات النظام، لشعوره باستخفافهم بعقله، وانتهاج سياسات تكشف له مدى الحول السياسي التي تعانيه كل الجهات المعنية بحل الأزمة التي تعصف بالبلاد، ونتيجة لهذا التطور الانفعالي عادت السجون لاستقبال المعتقلين السياسيين، بتهم الأعمال غير المشروعة، وإطالة اللسان وتقويض نظام الحكم، والاعتداء على رجال الأمن وغيرها من التهم.  

     إلا أن الفارق في هذا الزمن يكون بزج المعتقلين السياسيون من فئة الشباب الكادحون في السجون، والذين من المؤكد أنهم ليسوا طامعين بالسلطة، ولكن أحلامهم تعدت ذلك، حيث يحلمون بالقضاء على الفساد وأهله وداعميه وحماته، حقا إن الوصول للسلطة أسهل طريقا من تحقيق أحلامكم أيها القابعون خلف القضبان، بعد قطفكم من ساحات الاعتصام لكسر الجماجم التي سترتفع بها الهامات.

16‏/09‏/2012

انتخابات أم تعيينات


     حسم جلالة الملك الجدل حول موضوع الانتخابات النيابية، بالتأكيد على إجرائها قبل نهاية العام، في إشارة مهمة منه إلى أن الأردنيين سيحتفلون بمضي العام الثاني من انطلاق المسيرات الاحتجاجية المطالبة بالإصلاح، بولادة المجلس النيابي السابع عشر الذي من المتوقع أن يكون الخطوة الأولى في مراحل تشكيل الحكومة البرلمانية، والتي يُعول عليها لحل كل المشاكل المتراكمة عبر سنين عمر المملكة، ودخول مرحلة جديدة من أطوار النشوء والارتقاء الديمقراطي، الذي سيسمح للسلطة التنفيذية من ممارسة مهامها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحرية مطلقة، ويعطي لدولة رئيس الوزراء حقه المسلوب باستعادة الولاية العامة.

     فرغم البشرى التي تستبشر بها الأوساط الشعبية، التي لا تنطوي تحت أي راية من رايات الأحزاب أو التكتلات السياسية، من اندفاع الملك وحرصه وتأكيده على مواصلة العمل الجاد، لتهيئة الظروف المناسبة لإنجاح الانتخابات النيابية، إلا أن إصرار القوى السياسية المعارضة، وإصرارها على مقاطعة الانتخابات، تجعل من مصداقية التوجهات الحكومية بالعزم على المضي في تبني مشاريع الإصلاحات محل نظر، وعلى محك المصداقية، فمطالب المعارضة باختصار ترجع لأمرين هما،  رفض قانون الصوت الواحد، وفتح قنوات حوار جادة بينها وبين أصحاب القرار، وهما الأمران اللذان يشكلان نقطة الافتراق عند أصحاب القرار.

     عند ذلك تجد أن الاعتراف بشرعية النواب الذين سيحضون بكرسي النيابة، أمر محل نظر، مدفوعا بضغط الأحزاب المعارضة برفض النتائج، والتشكيك بنزاهة العملية الانتخابية في كل مراحلها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان من لم يحالفه الحظ في الفوز بالانتخابات سيدخل في سجال النزاهة والمصداقية والشفافية لكل مراحل العملية الانتخابية، ويكون بذلك انظم إلى صفوف المعارضة ضمناً.

     وبذلك فان الأجواء العامة التي تأتي الانتخابات النيابية في ظلها، يسودها نوع من القلق متعدد المصادر، فمن ناحية الأحزاب والتنسيقيات الشعبية فهي لا تزال معلنه مقاطعة الانتخابات، والتي كان من المفترض أن تراعي الحكومة مطالبهم الإصلاحية والعمل على تحقيقها، على اعتبار أن هذه الفئات هي المحرك الرئيسي للمسيرات والاعتصامات المطالبة بالإصلاح، وفي حالة عدم تحقيق مطالبهم، فلن تجدي عملية تغيير الوجوه في مجلس الأمة بشقيه أي منفعة للحكومة، أو المصلحة الوطنية، بل وعلى العكس من ذلك فان الانتخابات في هذه الحالة ستزيد من مشاعر الغضب، وتعمل على زيادة الضغط على الحكومة، التي ستجد نفسها تسرعت في إجراء الانتخابات، في ظل ظروف وبيئة تشريعية غير مناسبة، كما إن إجراء الانتخابات سيعمل على تحميل الدولة أعباء ونفقات مالية إضافية، لم يتم أصلا رصدها في موازنة الدولة لهذا العام، والتي سيتم تأمينها لهذه الغاية بغض النظر عن البند أو الفصل المالي، في حين أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها المملكة تستدعي ضبط النفقات لمواجهة العجز المتفاقم في الموازنة.

     فنحن بحاجة إلى إدارة المرحلة بحكمة سياسية بالغة، لتكون انتخابية نيابية شعبية، أكثر من إدارتها ومعالجتها برؤية أمنية، لتكون تعيينات أمنية بشرعية شعبية، والتي ستعمل على إظهار أصحاب القرار أمام العالم بأنهم استنفذوا كل الخيارات الممكنة لإرضاء جميع الأطراف، بتقديم التنازل تلو الآخر، إلا أن المعارضة تأبى إلا أن تنفرد وتشذ عن الإجماع الوطني، كوسيلة من الإدارات المسيطرة على القرار السياسي في البلاد، لتشويه صورة كل الجماعات المطالبة بالإصلاح، بغض النظر عن مدى تقاربها في وجهات النظر مع صاحب القرار.

15‏/09‏/2012

انتخابات قبل نهاية العام


     السادة نواب المستقبل، سيترجل نواب اليوم عن كراسيهم، لتدخلوا حضراتكم مضمار المنافسة، فقرار حل المجلس سينزف حبر قلمه قبل أن يرحل أيلول، ولكم البشرى بأن نتائج التصويت ستعلن مبكرا، لان الثلثين ممن يحق لهم التصويت أراحوكم من عناء فرز أصواتهم، وحكومة العراب أيضا لن تشرف على هذه الانتخابات، وستكون لكم استقبالات حافلة في كل مناطق المملكة، تطالب برحيلكم قبل جلوسكم تحت القبة.

03‏/09‏/2012

لا نريد حكومة كرتونية متحركة

     قد تكون الفزعة الملكية للشعب الأردني بأمره تعليق قرارا الحكومة برفع أسعار المحروقات، أدت إلى شيء من التهدئة في الشارع الأردني، الذي انفجر غاضبا من قرارات الحكومة، التي كادت أن تجر البلاد لكارثة تشبه تلك التي كان لدولة الطراونه اليد في إثارتها عام 89 بمعية زيد الرفاعي، والتي نجمت أيضا عن ارتفاع أسعار المحروقات بعد مشاورات واتفاقيات مع البنك الدولي، كما تكرر هذه الأيام، ومن الطريف أن تلك الأحداث حدثت في العام 89، وفي يوم أمس وقع 89 نائب عريضة موجهة لجلالة الملك لإدراج طرح الثقة بالحكومة في دورته الاستثنائية، والتي سد جلالة الملك الطريق أمامها بقرار تجميد قرار الحكومة المتعلق بقرار رفع الأسعار.
     وإذا كان قد أُنقذ الموقف في العام 89 بتكليف الشريف زيد بن شاكر بتشكيل الحكومة، وفي حينها لاقى هذا الأمر خليط من الترحيب والاعتراض على مبدأ إسناد الحكومة له لعدد من الأسباب، واليوم يشاع نبأ أن يُكلف الملك الأمير حسن ولي العهد السابق تشكيل الحكومة، الأمر الذي يعني محاذير قد تفوق أي نتيجة ايجابية منها، فمثلا لن يجرؤ مجلس النواب على أن تكون الثقة اقل من 100% ولو كان برنامجه الحكومي مزيد من رفع الأسعار، ثم لن يتقدم أي نائب باستجواب للحكومة ولو ركب الرئيس الموج في التجاوزات، ولن يقف في وجه الأجهزة الأمنية أي متظاهر أو معتصم طلبا لمحاسبة الفاسدين ولو وصل الأمر إلى المبالغة في قمع الاحتجاجات، ولن يجرؤ مواطن على ترك بطاقته الانتخابية في مكاتب الأحوال المدنية ولو كان رئيس المجلس النيابي معروف قبل شهرين من الانتخابات، ولن تجرؤ أي صحيفة أو موقع الكتروني أو مدونه ولا حتى صفحات الفيس بك انتقاد حكومة الأمير أو احد وزرائه، نعم اقصد أن الحرية ستموت بولادة حكومة يرئسها الأمير حسن.
     وإذا كانت أخبار تكليف الأمير الحسن بتشكيل الحكومة شائعة، فمن المؤكد أن تشكيل الحكومة سُيكلف به احد الرؤساء السابقين المحروقين في نظر الشعب الأردني، الذي يرى مسبقا أن كل المجربين من الرؤساء السابقين اعجز من أن يكون بأحدهم النجاة في هذه المرحلة، وتبقى الأمور في اشد ساعات التعقيد، وأكثر حالات الفوضى، ما لم تكن الحكومة حكومة يتم تشكيلها بتوافق بين مؤسسة القصر ومختلف الفعاليات السياسية الأردنية، للخروج بتوافق يكون قادر على إفراز حكومة قادرة على إنقاذ البلاد من الانجرار نحو الفوضى، التي بدت اقرب من موعد الانتخابات للحظة من الزمن.
     فإذا كان الملك قد غامر بتكليف أربع حكومات فترة غليان الشارع الأردني، كلها خرجت بنتائج سيئة أدت إلى تفاقم الأمور، ولم تدفع باتجاه الإصلاح، أو حتى لم تبلغ حدود الرضا الدنيا للمواطن، فمن باب أولى أن يغامر الملك بتكليف حكومة من خارج دائرة الرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة والأصدقاء، وتكون من الشخصيات الوطنية التي لم تتلطخ أيديهم بقضايا الفساد أو التستر على الفاسدين، فلا نريد حكومة كرتونية متحركة، بل نريدها حكومة من أهل العزم.

01‏/09‏/2012

ارحل يا طراونه


     دولة رئيس وزرائنا الأفخم فايز الطراونه، أنت لست رجل المرحلة، ولا أنت بالقادر على إخراج البلاد من الأزمة التي أنت عميد أركانها، بل أنت شرارة الشر ومحواسه، وهذا الحكم إذ أطلقه في حقك إنما استنتجته من تعمدك في إيقاع الأردنيين في مواجهة مؤسسات الدولة، والدفع بهم ليتخذوا من سدة الحكم في بلادنا خصماً، وتحميله تبعات قراراتك، التي أغرقت المواطن الأردني في دموعه حسرة، على انه لم يركب في مراكب الثائرين، التي أسقطت كل الطغاة من حولنا، فالمصائب التي رافقت قدومك لرئاسة الوزراء، أخذت تكبل يد الكريم، وتحجر على عقل الحكيم، وتكتم أنفاس الصادحين بالحق، وتدفع الناس للوقوف بوجهك، وفي طريق سياستك، التي جرتهم إلى شر مراتع الفقر والعوز والضعف .

     نعم دولة الرئيس انك تعجز عن النجاح، ولا تدرك حتى معنى أن تعايشه، وان كانت قدرتك وحيلتك مكنتك أن تستغل القيادات الأمنية التي من حولك، وتسايرها لكي تتفادى شرها والصدام معها، ولو على حساب خروجها من يدك، وتريد منا أن نصدق بان الأمن بقيادته الحالية حريص على أمن العباد والبلاد، وانه مع المجرم قوي صلب، ومع البقية ناعم لين.

     كما وانك يا دولة الرئيس تعجز بحيلتك وفكرك ومستشاريك، أن تكون عونا للأشقاء في حاضرة الشام وأطرافها، فتصب غضبك وجبروتك أنت وأعوانك على لاجئين عزل، ألقيت بهم في ارض قفر، بعد مسرحية هزلية لم يصدق بها الأطفال، حتى تنطلي على الشيب والشبان، وأخذت أبواقك الإعلامية تصدع، وتنفي عن أهل البلاد شهامتهم، وأخذوا يتنادون بعالي صوتهم  لوقف تدفق السوريين إلى بلادنا، متحججين بقلة إمكانياتنا، ومتحججين بالمخاوف من تعريض أمن أبناءنا للخطر، على أيدي المندسين من بين اللاجئين، وكأن أجدادنا لم يمروا بمثل هذه الظروف الصعبة ويتعايشوا معها من قبل، وكأن آبائنا لم تعصف بهم مثل هذه الأحوال العسيرة ويتغلبوا عليها وهم في عوز وقله من قبل أيضا، حتى يأتي الحويان وينادي بأن الأوان آن لوقف استقبال اللاجئين السوريين في بلادنا، أسوة بتركيا والعراق، نعم يالحويان، لقد أفقر الفاسدون في هذه البلاد كرامها، حتى أصاب العسر عظم الكريم فينا، ولكن لن نكون ممن يخاف الفقر للهفة مستغيث، وان أعجزتنا حيلتنا، فالعون لنا ولهم ممن لا تعجزه حيلة، وعلى نصرهم بهلاك طاغية الشام قدير، وأما الأمن فهو نعمة يمن بها الله على عبادة، وليس لحسين المجالي فيها علينا فضل.

     اعلم دولة الرئيس، وليعلم قادة أمنك، والحويان صاحبكم، وكل من استخف  بهذا الشعب العزيز، بقصد منه أو بغير قصد، أن البلاد تفيض كراما، وان البلاد لا يصلحها إلا الكرام، ولن تكون لكم في إصلاحها يد، فلستم رجال المهمة الصعبة، ولستم قادة الرأي وشعلة أمله، وكل نداء يصدر منكم، فالشعب أوعى من أن يطرق له سمعه، أو يلقي له بالا، والخير لنا ولك أن ترحل يا طراونه.

شهد دوار الداخلية بالامس مسيرة تأييد وولاء واليوم احتجاجات واعتصام


 

27‏/08‏/2012

المطبخ الأمني




     إن الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها البلاد منذ عملية الكمالية المشئومة، والتي كانت نقطة التحول باستحلال الدم بين القوات الأمنية، و المواطنين الخارجين على القانون في مختلف محافظات المملكة، أدت إلى نتائج سيئة انعكست على المواطن الأردني بانعكاسات سلبية في كل نواحي حياته اليومية، فالمواطن الأردني الآن فقد الثقة بالقوة الأمنية، وذلك لكون هذه القوة فقدت هيبتها بعد الزج فيها ببطولات كرتونية توافق أهواء قادتها، فجعلت من المتتبع لأخبار عملياتها اليومية يشعر بان قواتنا الأمنية أصبحت هدفا لمن رغب بالتظاهر من المواطنين، أو أن هذه القوات تتحرك عندما يريد احد المسئولين التسلية أو الترفيه عن نفسه، وإثارة الإعلام لنشر خبر عن بطولته وعبقريته الأمنية، ولو كان الثمن دماء الأبرياء وترويع المواطنين، بتنفيذ عمليات أمنية في مناطق سكنية من ضيقها ضائقة بأهلها.

     نعم نحن من دعاة العقلانية في إدارة الشؤون الأمنية، والمحافظة على أرواح المواطنين، سواء كانوا من مرتبات الأجهزة الأمنية، أو ممن خرجوا على القانون من  المدنيين، فمعيار التعامل مع الجميع محكوم بالقانون، الذي بدأ التطاول عليه من الجميع، مدفوعا بالتخبط الأمني للقيادات الأمنية، التي ترفع شعار المحافظة على الأمن، والإصرار على فرض هيبة الدولة، مستخدمه أساليب إثارة الفتن في صفوف المواطنين، بخطواتها وتحركاتها التي لا تحسب نتائجها سلفا، فلكي تحل مشكلة تجر علينا مصيبة، والإصرار على تغييب كل فنون ومهارات التعامل الأمني الاحترافي، الذي كانت تتمتع به هذه الأجهزة.

     فهاهي القوات الأمنية أنهت في الهاشمي الشمالي ما بدأته من عملية الكمالية، بالإجهاز على من بقي من فلول تلك العصابة الشريرة، كما تراجع واسماها بذلك مدير الأمن العام، قائد تلك المعركة المشهورة، فجر ذلك اليوم من رمضان، حسب ما ورد في مؤتمرة الصحفي المشهور، بعد ما تفلت في الإعلام خبر عن وصفها بالمجموعة الإرهابية، كخطأ في التقدير الميداني للواقعة، على حد ما ذكر عطوفة القائد الفذ المبجل.

     قد تكون الفوضى استشرت في كل مكان، من وطننا الذي يعد المواطن والأمن هما رأس ماله، وكل ما بقي له، إلا أن من شجع على هذا الانفلات الأمني، هو أولا وأخرا الضعف في الإدارة الأمنية، التي تقدم لنا كل يوم دليلا على فشلها، فالمخابرات تتفاجأ بما يحدث، والأمن العام يخطئ في التقدير، والدرك يبالغ في التعبئة، والمواطن يتفلت من القبضة الأمنية، والنتيجة أحداث مؤسفة في كل مكان، فالأمن الذي توفره لنا أجهزتنا الأمنية، ثمنه ترويع المواطنين كل يوم، واللذين بفقدان أي من أفراد الأجهزة الأمنية أو المطلوبين الأمنيين يكونون هم الخاسرون، فلا تعجب إذا شهدت عزاءً يكون لرجل امن وأخوه المطلوب وشقيقهم المار عرضا مع الطريق، قضوا في عملية أمنية بطلها باشا، آن الأوان لرحيله، وليأخذ معه إخوته من باقي القيادات الأمنية، عسى ربنا أن يُبدلنا خيرا منهم.

18‏/08‏/2012

رد على من يتستر بثياب أحرار الحويطات


     نشرت صحيفة صوت البادية الالكترونية على صفحتها رسالة، أشارت إلى أنها أرسلت إليها بدون عنوان، وان هذه الرسالة جاء في آخرها "أحرار قبيلة الحويطات".

     وفي قراءة للرسالة تجد أن كاتب الرسالة يستعرض النسب لقبيلة الحويطات، ويتحدث عن دولة لم تكن موجودة ولا حتى في الخرافات والأساطير، ثم تتحدث الرسالة عن شرط سري كان مدرج في مباحثات ضم الأردن لمجلس التعاون الخليجي، ينص على اقتطاع 200 كيلو متر من الأراضي الأردنية لصالح المملكة العربية السعودية، على اعتبار أن هذه الأراضي تشكل مطمع اقتصادي للسعودية في المنطقة، ثم يتحدث كاتب الرسالة عن ولادة حركة معارضة ويصفها بشبه السرية هدفها تحصيل الحقوق للمشاركة في السلطة، ويردف قائلا أننا أبناء قبيلة عريقة وأننا عانينا الأمرين تحت وطأت الحكم الهاشمي، ثم يرفع كاتب الرسالة المجهول شعار المطالبة بضم مضارب قبيلة الحويطات إلى الحكم السعودي، وينادي برفع العلم السعودي على المنازل، هروبا من مواجهة نتائج الربيع العربي، ويتنبأ بانهيار الدولة الأردنية، وان مخططات الوطن البديل تحصيل حاصل، وان البلاد تحت وطأت الانحلال القانوني، وبين براثن الفساد.

     وإذ أرد على هذا النكرة والمجهول، كاتب الرسالة بقولي له، أن قبيلة الحويطات والتي كانت أول القبائل الشرق أردنية استقبالا وحفاوة بالحكم الهاشمي للمنطقة، أبان فترة تأسيس الإمارة، كانت وما زالت تقدم الولاء والطاعة للملوك الهاشميين، من منطلق أن في أعناق أبناء قبيلة الحويطات بيعة للحكام، وأنهم يرعون هذه البيعة، وأنهم خير من يصونها ويعطيها حقها، فالانقياد والطاعة للحكام الهاشميين نقر بها امتثالا لأمر الله بطاعة ولي الأمر، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، وامتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يرويه البخاري في صحيحة، عن عُبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على السمع والطاعة في المنشَط والمكرَه، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم - أو نقول- بالحق حيثما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم". وقوله صلى الله عليه وسلم " مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً كما ويأتي موقفنا هذا، حرصا على امن البلاد والعباد، ووحدة الكلمة والصف لكل الأردنيين.

     وأما إن كانت تتيه بك أفكارك أيها الكاتب المجهول، ولا تسعفك حكمتك في التعامل مع مجريات الأحداث، فهذا شأنك وقصر في بصيرتك، لا نشد فيه على يدك، فأبناء قبيلة الحويطات تتعامل مع مجريات الربيع العربي على الساحة الأردنية بالحكمة والبصيرة التي تفتقدها أنت، فموقفنا واضح وصريح ومعلن، ولا نختفي في ضل ولا نزوغ في عتمة، فنحن مع الموقف الوطني لكل الحراكات الشعبية في مختلف مناطق المملكة، في ضرورة محاربة الفساد ومعالجة الاختلالات الحكومية، سواء في تشكيلها أو صلاحياتها، أو في تغول الجهات الأمنية عليها، ومع التوجه بان يكون من تسند إليه إدارة شؤون البلاد من أهل الإصلاح، وان يكون محل توافق لكل التيارات السياسية، ليكون اقدر على التعامل مع أزمات البلاد بحكمة وعزم وقوة، انطلاقا من قول الله تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين)، وأما موقفنا من الوطن البديل، فالحويطات احرص على حقوق الأشقاء الفلسطينيين بحق عودتهم إلى وطنهم، وتحرير أرضهم من العدو الغاصب الذي استباح البلاد ودماء العباد، من تجار الأوطان وسماسرة السياسة،  ووقفة أبناء قبيلة الحويطات مع الأشقاء الفلسطينيين، وقفة كلها شرف وعزة منذ فترة تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية، مرورا بأحداث أيلول الأسود، والوقفة الشجاعة للقائد البطل مشهور حديثة الجازي، الذي كان الصوت الوحيد الذي كان ينادي بالتعامل السلمي مع الأحداث، الأمر الذي افقده منصبه وجعله رهين اعتقال منزلة، وفي الحاضر تجد أن أبناء قبيلة الحويطات لا تضمر أي تفرقة أو عنصرية في التعامل مع الفلسطينيين، الذين كُتب عليهم أن يكونوا في بلادنا لاجئون، بل إن معيار التعامل معهم "أخ كريم وابن أخ كريم".

     وأما فيما يخص دعوتك المشبوهة في ضم مضارب الحويطات للمملكة العربية السعودية، فان كنت تتاجر بحشو بطنك، فالأنفة للحويطات رمز، وكبريائهم لا يسقط أمام أحلامك المخملية، وأما إن كنت باحث عن امن وأمان، فاعلم أنها نعمة من الله يمن بها على عبادة، وان أبناء قبيلة الحويطات رجال الحرب والسلم، وما يعصى على احدهم القدرة على حماية دمه وعرضه وماله.

     وختاما إن كنت تتكلم باسم أحرار قبيلة الحويطات، فأقول لك إن قولك مردود عليك أنت ومن يشد على يدك، واعلم أن من يريد أن يتحدث باسم قبيلة عريقة أن يعرف بنفسه، ومن كان عنده رأي فليبده لنا، فكل رجل يؤخذ من قوله ويرد عليه، ولكن هذا لمن يملك الشجاعة، والجرأة، وقوة الحجة، والانتماء الحقيقي لهذه القبيلة، أما من يختفي وينعق فماله عندنا إلا الزجر والتوبيخ.

     ثم إني أقول: أننا نقف من كل الآراء والأفكار والمعتقدات السياسية، التي يعبر عنها أبناء الأردن موقف المتعقل، فنسمع لهم ولا نحجر على أفكار أي منهم، فمن رأينا بقوله حق نشد على يده، ومن رأينا بقوله ما يخالف رأينا، قلنا هو رأيه نحترمه ولا نشكك بوطنية أردني ولا نرميه بعار العمالة، وحجتنا أن حرية التعبير حق للجميع، ولا يضرنا أن خالفنا رأي، وكمثال على ما أقول، نحترم في الدكتور احمد عويدي العبادي أصالته ووطنيته، ونخالفه فكره السياسي، ولا نقول في حقه غير انه وطني رغم انف من أبى عليه غير ذلك، ونقول في ابن باديتنا علي الدماني أردني الأصل والطبع والهوى، ووطني أردني بامتياز، رغم مخالفتنا فكره السياسي، ونقول في التيار 36 مثل ذلك، فرغم أخذنا عليه تشدده في نقد النظام، إلا أننا نقول أن أعضائه أردنيين الطبع والتطبع أصيلين العرق والنسب، ولا نقول عنهم إلا خيرا، وهذا فكرنا أن نستوعب الجميع ما داموا يتحدثون في العلن، فحريتهم مصونة، ورأيهم وان خالف رأينا لا يعني أن نناصبهم العداء، فواجبنا نحوهم الاحترام، وواجبهم نحونا مبادلتنا نفس الشعور، ما دام الهدف السامي للجميع خدمة الأردن وصون حماه وممتلكاته من عبث العابثين، مهما كان تنفذهم، ومهما كانت أيديهم طائلة.

     هذا ردي على من يتستر بثياب أحرار الحويطات، واشك أن يكون منهم، حمى الله الأردن، بلد الحشد والرباط، وألف بين قلوب بنيه، وكفاه شر الفتن.



كايد الركيبات – الحويطات
رابط المقال على صحيفة صون البادية

14‏/08‏/2012

الفايز انتخابية

     على حد رأي دولة رئيس الوزراء فايز الطراونه، فان المشاركة في الانتخابات النيابية "تطبيق حقيقي لمفهوم الولاء والانتماء مثلما انه حق وطني وواجب دستوري" وبذلك فهو يرى أن المشاركة في العملية الانتخابية، معيار الولاء والانتماء الوطني، التي من المأمول إجرائها قبل نهاية هذا العام، تنفيذا للرغبة الملكية التي جاءت استجابة للمطالب الشعبية.
     كما وان دولته يرى أن المقاطعة للانتخابات، أو الدعوة للمقاطعة، تأتي من باب التحريض الذي يجب أن يواجه بالترهيب من السلطة، التي بدأت تتسارع الأحداث عليها، وأصبحت تتخبط في محاولة مستميتة لدفع اكبر عدد ممكن للتسجيل بالانتخابات، ومن باب التشجيع، وليكون دولته قدوه للشعب الأردني، بادر بنفسه للتسجيل وحصل على بطاقته الانتخابية، أثناء زيارته التفقدية لدائرة الأحوال المدنية.
     هذا من جانب دولة الرئيس، أما معالي وزير الإعلام سميح المعايطه فكان تحفيزه للمشاركة بالانتخابات يسير في مجرى آخر، بحيث يرى معاليه أن مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة في العملية الانتخابية، ناتج عن رغبة المقاطعين بالتمرد وتطاولهم على صلاحيات الملك، الذين يسعون من خلال مطالبهم بتعديل الدستور للحد من صلاحيات الملك، ليزداد نفوذهم لخدمة الأجندات الخاصة بهم، وهذه اللغة التي استخدمها الناطق الرسمي باسم الحكومة، متشعبة من قناة الترهيب التي ارتسمها له دولة الرئيس.
     أما المقاطعون للانتخابات، فهم يروا أن الانتخابات بنيت على قانون انتخاب لم يصل لمستوى الطموحات التي تشجع على المشاركة، وتمسك دولة الرئيس شخصيا بالصوت الواحد والذي يعتبر عقدة المشكلة التي أصر على بقائها دولته في القانون، كما أن التعديلات الدستورية التي تطالب الأحزاب المعارضة بإجرائها، والتي تسعى من خلالها إلى تحقيق توازن في العملية التشاركية، في الإدارة العامة لكل شؤون البلاد، فمن غير المعقول أن يكون مجلس نيابي يشكل ثقل سياسي، ويكون قرار حله مرتبط بالرغبة الملكية متى أراد ذلك، فهذا يعني أن قوة المجلس رهن جرة قلم، لا يمكن له الصمود أمامها، وهذا الأمر الذي تسعى الحكومة جاهدة إلى عدم الوصول إليه، خوفا من التشوه الإعلامي لصورتها أمام الرأي العام العالمي، قبل الرأي العام الداخلي فيما لو حدث ذلك، ووسيلتها إلى ذلك متمثلة بقانون الانتخاب الحالي، والذي على كل الأحوال يعتبر عماد العمل السياسي في البلاد.
     وعلى الرغم من حرص الحكومة على نجاح العملية الانتخابية ولو إعلاميا، وحرص الأحزاب المعارضة على الصمود في موقف المقاطع، تبقى الفئة الصامتة هي الثقل المرجح لأي من الطرفين، والتي من الممكن أن تستجيب في النهاية للموقف الحكومي، لاسيما وان مجرد استخدام الحكومة لشعارات الولاء والانتماء، وبقليل من الضغط على وسائل الإعلام، سيجعل الصورة تبدوا لهم مشجعة ومدفوعة بالحماس للمشاركة في العملية الانتخابية، على اعتبار أنها فرصة فلماذا لا تستثمر وتجربة لماذا لا تخاض وبعدها نحكم وحسب الواقع .

09‏/08‏/2012

انعكاسات الربيع العربي

     أظهرت موجات الربيع العربي على الساحة، قيادات حزبية ذات توجهات إسلامية، كما وقوت هذه الموجات من موقف الأحزاب الإسلامية في الدول التي لا تزال تناضل لتحقيق إصلاحات، وتسعى للتغيير، وهو الأمر الذي يعد خطر حقيقي ينعكس على الأنظمة التي لا تزال متمسكة بالسلطة المطلقة، وتحصن الفساد، وتستخدم الطرق القمعية لمواجهة المطالب الشعبية، وتضعهم في أقفاص الاتهام بقضايا وتهم أدناها تقويض نظام الحكم، أو إطالة اللسان، في محاولة منها إلى الحد من سقوف المطالب الإصلاحية، واستخدامها كوسيلة ترهيب وفرض للسيطرة.
     وبالإضافة للخطر الذي يحيط بهذه الأنظمة، فان الحراكات الشعبية لها أيضا انعكاسات على إسرائيل، سواء كان خطر امني، أو خطر اقتصادي، أو سياسي، و تحاول إسرائيل جاهدة على إحباط الشعوب العربية، وإيهامها بان حركات الربيع العربي هي حركات مدعومة من الخارج، في محاولة منها إلى المحافظة على ما تبقى من الأنظمة القائمة حاليا، وذلك لكون هذه الأنظمة تعتبر السياج الحامي لأمنها، ومن خلال الحوادث الزمنية السابقة، فان هذه الأنظمة مستسلمة للأمر الواقع، ولا تجد أي طريقة للتعامل مع إسرائيل إلا من خلال الوسطاء الدوليين، والذين هم في نفس الوقت لا يمارسون أي ضغوط حقيقية على إسرائيل، فزادت قوتها، وازدادت الأنظمة العربية في مقابل ذلك ضعفا.
     فمن المستبعد إحراز أي مكاسب لمصلحة إسرائيل في ظل الربيع العربي، فالأحزاب الإسلامية تستمد قراراتها من ضوابط شرعية في إطارها العام على الأقل، وتستطيع أن تحشد جمهور كبير من المواطنين لدعم قراراتها، في حين أن الأنظمة العربية البائدة، أو تلك التي في طريقها للفناء، كانت تصدر قراراتها بموجب الفروض الخارجية التي تقع عليها، ومن  باب تحقيق المصالح الخاصة لهم على حساب الشعوب، التي كانت تتغنى بالوطنية وأمجاد الزعماء، قبل لحظة الاستيقاظ من السبات العميق.
     وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية، والتي تستخدم بها كل فنون المكر السياسي والإعلامي لمحاولة تشويه الحراكات الشعبية، والتي من أمثلتها تصريحات نتنياهو، بان الأردن سيلحق بالفوضى السياسية، وان ما سيشهده الأردن من أحداث سيكون على درجة من العنف تفوق تلك التي شهدتها سوريا، ويتنبئون أيضا بان أوان هذه الأحداث بات قريبا، وان ما يؤخرها فقط هو صمود الأسد في سوريا، فإدراج مثل هذه التصريحات يوهم بان الحراكات التي تشهدها الساحة الأردنية هي حراكات مسيرة بمعرفتهم وتخطيطهم، وهذا الأمر أيضا يروق لسكان القبة السياسية والأمنية في البلاد، والذين يسعون بدورهم لحشد اكبر عدد ممكن لمواجهة الحراكات الشعبية بهم، وتحت شعارات الحفاظ على الأمن، وشعارات مناهضة إنشاء الوطن البديل، وكان الحراكات الشعبية هي من تعبئ لتقويض الأمن، وتروج للوطن البديل، وان الحكومة بشخصياتها الكريمة براء من ذلك.